نقوشٌ على جدار واسعٍ

الأحد، 6 أكتوبر 2013

إليان غونزاليس.. قصة طفل .. هروب وقضية


Elian Gonzales

الطفل الذي أشغل الرأي العام  العالمي



" إليان و جوان ماغويل غونزاليس .. إبن وأبيه .. الأول طفل برئ .. والثاني أبٌ أختطف منه ابنه .. إليان تصرف كأي طفل في السادسة من عمره .. وجوان ماغويل تصرف كأي أب .. و السياسيون تصرفوا كالحمقى "

ريتشارد كوهين – ذا واشنطن بوست ، ابريل 2000



تحولت حياة "إليان غونزاليس" الفتى الكوبي الصغير الذي ولد في عام 1993 إلى محطة أنظار العالم بل وحازت بمتابعة سياسية ودولية عالية المستوى وهو لم يتجاوز السادسة من عمره آنذاك. وبدأت نقطة التحول تلك في كوبا عندما اتخذت والدة إليان التي كانت قد انفصلت عن زوجها قرار مصيري وهو الهروب من كوبا بحرا والعبور إلى شاطئ ميامي بالولايات المتحدة الأمريكية بحثا عن الحلم الأمريكي والحياة الكريمة لها ولابنها إليان.


إنه ذلك الحلم الأمريكي الذي يُروّج له بأنه: "The Land of Opportunities" أو انها أرض الفرص وتحقيق الأحلام. ذلك الحلم الذي يعشعش في مخيلة كل مواطن كوبي فار من بلده لحظة وطأة أقدامه على مياه شواطئ ميامي الساحرة. يحلم بتلك الامتيازات الموعودة كحق الإقامة والعمل والتعليم والرعاية الصحية وغيرها. وهي أحلام كفيلة بدغدغة مشاعر الكوبيين الفقراء والمنكوبين وتناسي مغبة ركوب البحر الهائج، والمغامرة بأرواحهم وأرواح أطفالهم وأحبائهم.


ذلك القانون الأمريكي " الرحيم " وربما " اللئيم " بالكوبيين والذي وصفته الحكومة الكوبية بــ " قانون الموت "  فبسببه يغامر المواطن الكوبي ويعرض حياته وأسرته للهلاك والموت غرقا بصرف النظر عن نجاة البعض منهم أو انتشال البعض الآخر هنا وهناك ونقلهم إلى معسكرات خاصة باللاجئين. وكل ذلك من أجل لمس أقدامهم شواطيء ميامي الساحرة والذي سيفتح لهم أبواب الفرص وحق الإقامة، بينما يصب أنظار العالم على ضحايا هذا القانون ممن غرقوا رجالا ونساء وأطفالا بحثا عن الحلم الأمريكي.


عندما دقت الساعة الرابعة مساءا من تاريخ 21 نوفمبر 1999م تحرك مركب شراعي بسيط مصنوع من الألمنيوم من احدى شواطئ كوبا وكان يحمل على متنه إليان ووالدته واثنا عشر راكبا آخرين متجهين إلى مصير مجهول. لكن الطقس لم يكن رحيما بهم فحدث عطل بالماكينة المهترئة مما تسبب بتحطم المركب القديم وهم بوسط البحر، بوسط خليج المكسيك.


أفاق إليان من سباته ووجد نفسه وحيدا في وسط البحر عائما داخل قارب نفخ ، وخشي الصغير من احتمال فقده لوالدته وانه لن يرها مرة أخرى ليقينه بأنها لا تجيد السباحة ، وفي الحقيقة لم يخطأ حدسه فقد ماتت فعلا والدته غرقا ولم ينج معه من الحادثة سوى رجلان تفرقا بعد وقوع الحادث. ظل إليان لساعات طويلة وحيدا فزعا وهو على متن قارب النفخ قبل أن يلمحه أحد زوارق الصيد القريبة من شواطئ ميامي الذي قام بإنقاذه. ولم يستغرق الوقت طويلا حتى احتل خبر نجاته عناوين جميع وسائل الإعلام المحلية والدولية، وبعد أن تأكد فريق طبي من سلامة إليان الصحية تم تسليمه إلى أقرباءه في ميامي للاعتناء به حتى يتم تحديد موعد لإعادته إلى والده في كوبا، والذي صرح من جانبه عن جهله التام بنيّة طليقته بأخذ إليان وتهريبه معها الى أمريكا.


ومن هنا أثيرت بين الدولتين كوبا وأمريكا ضجة إعلامية واسعة حول قضية إليان وحازت على متابعة كبيرة على المستوين السياسي والشعبي وأنقسم الشارع ما بين المؤيد لبقائه بالولايات المتحدة الأمريكية ومنحه حق الإقامة والجنسية وما بين المعارض المطالب بعودته إلى حضن أبيه في كوبا. وبدأت أبناء الجالية الكوبية في ميامي بتنظيم سلسلة من المظاهرات التي تطالب السلطات الأمريكية بعدم إعادة الطفل إلى كوبا وبينما في الجانب الآخر من كوبا تم تنظيم مظاهرات شعبية ضخمة المطالبة بعودة إليان إلى وطنه. وهذا الاهتمام المنقطع النظير بقضية إليان والمتابعة الواسعة أثار طمع أقرباءه في ميامي وبرزت نواياهم السيئة وهي التمسك بحضانة إليان لأجل كسب الشهرة وحصد الأموال، وأصبح إليان في نظر أقرباءه الدجاجة التي ستبيض لهم ذهبا!


وفي يناير من عام 2000 تم تكليف جدتا إليان بمهمة رسمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية للمطالبة بعودته الى كوبا لكن باءت مساعيهما بالفشل وعادت الجدتان أدراجهما بدونه. وبذات الوقت باءت مساعي الجمهوريين بالفشل بجمع أصوات كافية لإستثناء  إليان ومنحه الجنسية الأمريكية.


و قضية إليان غونزاليس تجاوزت كونها مجرد قضية عائلية فقد فرضت نفسها على الإنتخابات بولاية ميامي وعلى مرشحيها ولقد أجبر المرشح (آل جور) بإعطاء تصريحات والإعلان عن موقفه حولها ومن خلاله سيقرر الناخبون بإمكانية منحه أصواتهم أم لا. كما صرح وزير الخارجية الإسباني بضرورة عودة إليان الى كوبا واحترام اللوائح والمواثيق الدولية. ومن ناحية أخرى قدم جوان ماغويل غونزاليس والد إليان جملة من الرسائل الرسمية الى الحكومة الأمريكية يطالب فيها بعودة ابنه الى كوبا ثم قام بنشرها في وسائل الإعلام، كما أعلن عن رفضه لعرض أقرباءه في ميامي بالتنازل عن المطالبة بالحضانة مقابل توفير منزل وسيارة له للإقامة بالولايات المتحدة الأمريكية.


وفي شهر مارس من عام 2000 رفضت المحكمة الأمريكية النظر في طلب اللجوء السياسي الذي تقدم به أقرباء إليان له ، وفي محاولات يائسة بث أقرباء إليان لقطات فيديو يظهر فيه إليان وهو يترجى والده بالموافقة على بقاءه مع أقرباءه في ميامي. و بدا توجيه إليان بالكلام في مقطع الفيديو واضحا، ولقد أكد إليان ذلك لاحقا وصرح في مقابلة صحفية بأن أقرباءه كانوا يسمعونه كلام يسئ لوالده، ولقد قاموا بتوجيهه بأن يصرح برغبته في البقاء معهم. وحاول أقرباءه المماطلة للحصول على مزيد من الوقت لغرض رفع طلب للتبني وهددوا بإيذاء أي شخص يحاول دخول المنزل لاستعادة إليان مما دعت السلطات الأمريكية بالإستعانة بعدد من اللاجئين الكوبيين المسلحين.


وبعد صدور الحكم بإعادة الطفل إلى كوبا رفض أقرباءه تسليمه إلى السلطات الأمريكية وقامت مجموعة من رجال الشرطة المسلحين بمحاصرة المنزل الذي يقيم فيه الطفل ، وبعد محاولات يائسة بالتفاوض مع أقرباءه لتسليمه اقتحمت الشرطة المنزل وتم أخذه بالقوة في حادثة تم انتقادها بشدة خوفا على سلامة الطفل إليان. في اليوم التالي من حادثة المداهمة المشهورة تلك قام البيت الأبيض بنشر صور من قاعدة جوية أمريكية لــ إليان وهو سعيد في حضن والده الذي تم احضاره خصيصا من كوبا لإستلام ابنه ومن ثم تم إعادتهما الى بلدهم.


أقيمت في كوبا احتفالات شعبية واسعة احتفاءا بعودة إليان ولقد استقبله شخصيا الرئيس فيدرال كاسترو ولاحقا وصف إليان الرئيس كاسترو بأنه صديقه وبمقام والده. ولا يزال الرئيس الكوبي ملتزم حتى يومنا هذا بحضور جميع حفلات أعياد الميلاد لــ إليان. وعندما كان مريضا أرسل أخاه للحضور بالنيابة عنه، كما تم تخصيص ركن خاص بالمتحف الوطني الكوبي لعرض قضية إليان.

اليوم أصبح إليان شابا في العشرين من عمره كما أصبح أحد رموز كوبا أما والده فيعمل نادلا في مطعم ايطالي ولقد قامت الحكومة الكوبية بوضع وحدة مراقبة بجوار المطعم لحمايته هو وأسرته.


أرجو أن تكونوا قد استمعتم بقراءة ملخص سريع لهذه القصة المثيرة للجدل وأسئلتي كالآتي:

• ما هو تقييمكم للموقف الأمريكي حول هذه القضيـة؟

• برأيكم ما هو مستقبل إليان أو ماذا يفترض أن يكون؟




حبيبة  الهنائي


تم نشر هذا الموضوع بمنتدى الحارة العمانية بتاريخ : 25/11/2009

الرابط للموضوع:

هناك تعليق واحد:

  1. الغريب في المقال أن بدايته متناقضة مع الأوضاع الحالية حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية لا توفر الرعاية الصحية إلا بالتأمين الصحــي أما في كوبا فالعلاج مجـــاني .....هناك فلم وثائقي لا أتذكر اسمه فيــه يحمل المذيع مواطنييــن أمريكيين على متن سفينة للعلاج المجاني في كوبا

    ردحذف