نقوشٌ على جدار واسعٍ

الثلاثاء، 15 أبريل 2014

حول ملح بدرية وما وراء نشر المزيد من المقتطفات لاصدارات أخرى !

في البداية أقدم اعتذاري عن عدم الرد لكل من تواصل معي بشكل خاص للإستفسار عن سبب قيامي بنشر بعض المقتطفات من روايات الأصدقاء الكتّاب وهما، حتى الآن ، رواية ]أيّوب شاهين[ للكاتب سالم آل توية و رواية ]صرخة واحدة لا تكفي[ للكاتب حمود حمد الشكيلي والمجموعة القصصية ]الصفرد يعود غريباً[ للكاتب محمد بن سيف الرحبي الذي لا أعرفه، لأني وددت توضيح وجهة نظري للجميع عبر مدوّنتي هنا دفعة واحدة.

أولا، لا يفترض لأي كاتب أن يعترض على نشر مقتطفات أو جُمل أو فقرات أو صفحات من كتاباته سواء كانت مقتبسة من رواية أو مجموعة قصصية أو قصائد.. الخ لأي سبب من الأسباب طالما انه لم يتم التلاعب بتلك الكتابات وتشويهها وذلك بعد أن تم نشرها بموافقة الكاتب ورضاه وهو بكامل قواه العقلية؛ لذا لم  اعترض على نشر تلك المقتطفات من مجموعة ]ملح[ للكاتبة بدرية الاسماعيلي انما اعتراضي جاء على طريقة عرض النص والتلاعب به ولاحقا ما تعرضت له الكاتبة من ردود فعل سلبية وبأسلوب لا أخلاقي وغير حضاري وذلك بعد تهييج الرأي العام ضدها فتم رجمها وسط عاصفة من التشهير والقذف والشتائم الى أن وصل الحال الى تكفيرها والكشف عن تفاصيل حياتها الخاصة من خلال نشر معلومات ملفقة بل ووصل الحال الى أن قام بعضهم بإنشاء حسابات وهمية تحمل إسم الكاتبة بدرية الاسماعيلي مع صورتها الشخصية ولقد قامت هذه الحسابات بنشر تغريدات تسيء للكاتبة من خلال قيامها بشتم المجتمع وبالتعقيب على بعض المغردين. وارجو أن يتم ملاحقة كل من قام بتنفيذ هذا العمل الاجرامي والذي كان بالإمكان أن يتسبب بإصابة الأذى الجسدي للكاتبة بسبب نشر الفتنة وزيادة فتيلها من خلال اثارة الناس ضدها ناهيك عن ما أصابها من أضرار نفسية .


وعليه نكون هنا قد هضمنا حق الطرف الآخر في الدفاع عن نفسه وابداء رأيه حول ما قامت بطرحه على الرأي العام حتى وان اختلفنا معها بحيث يرى البعض بأنه يخدش الحياء والآداب العامة. كما أتفق بما غردت به المحامية بسمة الكيومي عندما كتبت : "الحملة التي تشن ضد الكاتبة بدرية الاسماعيلي إرهاب مجتمعي، يتحمل عواقبه مدعو الشرف والفضيلة. يخرسون أمام جبال من الظلم، وتنطقهم قصة قصيرة!"


لذا، فهناك العديد من التسائلات التي تطرح نفسها هنا وهي: من أين جاءت بدرية بهذه الجرأة في الكتابة ؟ هل هي من بدأتها ؟ هل هناك كتابات مماثلة وشبيهة؟ واذا كانت الاجابة بـ نعم، ما هي الجهات التي سمحت بنشرها ؟ وأين دور الرقابة هنا؟ وهل تكمن المشكلة كوننا مجتمع غير مطلع وقارئ ؟ هل جميع الأذواق العُمانية تنفر من مثل هذه الكتابات وتنبذها ؟  هل الكاتبة العُمانية تتمتع بسقف أقل في التعبير عن الرأي عن الرجل ؟

لأن ما حدث مع بدرية وغيرها من النساء اللاتي تعرضن لحملات تشهير مشابهة ساهم بكشف عورات هذا المجتمع المتناقض والذي يفتقر لأسلوب النقاش والحوار البنّاء من خلال قيام البعض بلعب دور شرطي الأخلاق وتنصيب نفسه محاميا للمجتمع مما يثبت لنا مرارا وتكرارا أنه بإمكان إثارة الرأي العام العُماني وتهييجه بدعسة زر على الكيبورد دون أن يبذل أدنى جهد بتقصي الحقيقة والتأكد من مصدرالمعلومة ومدى مصداقية الخبر .


كما لا يفترض منا بتر هذه القضية وغلقها وعلقها هكذا وذلك بعد أن أثيرت بشكل واسع على الرأي العام دون الكشف عن خلفياتها وعرضها للناس من كافة الجوانب، ولن يحدث هذا دون أن نتحلى بالشفافية والمواجهة والمكاشفة والتجرد من العصبية والمحسوبية، مثلا منذ طرح هذه القضية نكاد نسمع همسات هنا وهناك تتردد مابين الاصدقاء والمعارف بوجود كتابات شبيهة بل وأسوأ مما طرحته مجموعة بدرية لكن بسبب الصداقات الوطيدة التي تجمع مابين المثقفين والحساسية المفرطة فيما بينهم مع عدم الرغبة بجرح مشاعر بعضهم البعض، لم يقم أي منهم بنشر تلك المعلومة أو طرحها للرأي العام لأجل مناقشتها وأيضا لحماية الكاتبة التي لا نعلم شيئا عن مدى قدرتها بإستيعاب الارهاب المجتمعي وتحمله وهي ، بلا أدنى شك، لم تكن قد هيأت نفسها له، ورغم ذلك اختار أغلبية المثقفين الصمت بل وتخلى عنها من هم من المفترض أن يقوم بالدفاع عنها وحمايتها كـ إدارة النادي الثقافي مثلا!


أما من وجهة نظري الشخصية، طالما أن الكاتب قد امتلك الجرأة وقرر المغامرة بنشر مثل هذه الكتابات وهو مدرك تماما انها سوف تثير حفيظة شريحة كبيرة من الرأي العام واستفزازه لذا يتطلب منه أن يكون شجاعا في مجابهة تلك التبعات وأن لا يطالب بهضم حق الناس في التعبير عن رأيهم ومحاولة خنقهم مثلما يطالب هو لنفسه ككاتب بعدم التنازل عن حقه في الكتابة. ولمزيد من التوضيح سأقدم مثالا ، مثلا عندما قررت عرض ظاهرة ختان البنات على الرأي العام، لم أتوقع  استقبال ذلك التصفيق الحار من المجتمع، ولقد تلقيت ما تلقيته من الشتائم وأخذت نصيبي من الاهانات، لكن الفرق هنا اني كنت أتوقع ذلك وكنت قد هيأت نفسي له وبالتالي حاولت قدر المستطاع الرد على استفسارات العقلاء منهم والمعتدلين؛ اذن على الكاتب الجرئ أن يتحمل تبعات ما يعرضه للرأي العام وأن يسعى بالدفاع عن أفكاره وآراءه لأجل إقناع القارئ والمتلقي بدلا من التذمر والامتعاض ممن قام بنشر تلك المقتطفات من روايته الذي قام الكاتب بنفسه بصياغتها ونشرها . وشخصيا حتى لو كان شقيقي، ابن أبي وأمي قد نشر كتابات شبيهة لقمت بنشرها دون أي تردد .


ختاما، نحن لا نريد أن نتحول الى مجتمع مبني على التحكم في كل شيء وبكل أحد وأن يعمل كل أحد منا بمبدأ "لا أريكم الا ما أرى" لكي نصبح نسخة واحدة من الكل!


تعقيب أخير من صديق:
ما وجدته من ألم في قضية بدرية أصابني بوجع وكشف لي بأن المجتمع والسلطة الدينية والعامة أكثر ألما لنا من الحكومة .


انتهى .

هناك تعليق واحد: