نقوشٌ على جدار واسعٍ

الاثنين، 27 أكتوبر 2014

ريحانة جباري ارقدي في سلام


روحك البريئة ستطاردنا ..
[ريحانة جباري] ارقدي في سلام أيتها النقية
 نبأ إعدامك شنقا مؤلم مؤلم جدا
وسط هذا العالم الملئ بتلال من الظلم والانتهاكات
أيشنقون عصفورة صغيرة !
أيخنقون هرة منبوذة !
مأساتك ستلهم الشعراء والكتاّب والسينمائيين 
ماذا عن أمك !
لقد أدميت قلوبنا حزنا 
ماذا عن أمك!
رباه كم أوجعتنا رسالتك الأخيرة تلك :

كتبت ريحانة جباري لأمها في الرسالة الأخيرة قبل إعدامها والتي نشرها موقع "هفجتون بوست".. إليكم نص الرسالة الكاملة:

عزيزتي شوليح، علمت اليوم أنه قد جاء دوري الآن لمواجهة القصاص أنا متألمة أنك لم تعلميني بنفسك أنني قد وصلت إلى الصفحة الأخيرة من كتاب حياتي ألا تظنين أنني كان يجب أن أعرف؟ تعرفين كم خجولة أنا من حزنك.. لماذا لم تعطيني الفرصة لتقبيل يدك ويد أبي؟

سمح العالم لي أن أعيش لمدة 19 عامًا وكانت تلك الليلة المشؤومة هي الليلة التي كان يجب أن أقتل فيها كان سيتم إلقاء جسدي في ركن من أركان المدينة، وبعد بضعة أيام، كانت الشرطة سوف تستدعيك لمكتب الطبيب الشرعي للتعرف على جثتي، وهناك كنت ستعلمين أيضًا أنني تعرضت للاغتصاب القاتل لم يكن ليتم العثور عليه لأننا لا نمتلك ثرواتهم وقوتهم ومن ثم كنت سوف تقضين حياتك في معاناة وعار، وبعد سنوات قليلة كنت سوف تتوفين نتيجة هذه المعاناة، وكان كل شيء سينتهي هناك.

رغم ذلك، ومع تلك الضربة اللعينة، تغيرت القصة جسدي لم يلق جانبًا، ولكن في قبر سجن إيفين وعنابره الانفرادية، والآن في السجن الذي يشبه القبر في شهرراي، ولكن تعرفين جيدًا أن الموت ليس نهاية الحياة.

لقد علمتني أن أحدنا يأتي إلى هذا العالم لاكتساب الخبرات وتعلم درس، وأنه مع كل ولادة توضع مسئولية على كتف شخص ما لقد تعلمت على الشخص أحيانًا القتال، أتذكر عندما قلت لي إنه لخلق قيمة ينبغي على المرء أن يثابر حتى لو كان عليه أن يموت.

أنت علمتني أنه عندما أذهب إلى المدرسة ينبغي على أن أكون سيدة في وجه النزاعات والشكاوى هل تذكرين كم كنت شديدةً بشأن الطريقة التي نتصرف بها؟ وكانت تجربتك صحيحة. ولكن، عندما وقع هذا الحادث، تعاليمي لم تساعدني تقديمي إلى المحكمة جعلني أبدو وكأنني قاتلة بدم بارد ومجرمة بلا رحمة لم أذرف الدموع لم أتسول لم أبك في داخلي منذ أنني كنت واثقة بالقانون.

ولكنني واجهت تهمة أنني غير مبالية في مواجهة الجريمة معاملتي للحيوانات فسرت على أنني أميل إلى أن أكون صبيا، والقاضي حتى لم يكلف نفسه عناء النظر إلى حقيقة أنه في وقت الحادث كان لي أظافر طويلة ومصقولة.

كم متفائلا هو من كان ينتظر العدالة من القضاة! لم يشكك حتى في حقيقة أن يدي ليست خشنة مثل يد ملاكم وهذا البلد الذي أنت من زرعت حبه في داخلي، لم يكن يريدني أبدًا، ولا أحد دعمني عندما كنت تحت ضربات المحقق أبكي وأسمع أكثر المصطلحات إهانةً وعندما نزعت عن نفسي علامة الجمال الأخيرة، وحلقت شعري، كوفئت بـ11 يومًا في الحبس الانفرادي.

عزيزتي شوليح، لا تبكي على ما تسمعينه الآن في اليوم الأول الذي قام به وكيل الشرطة بإذائي من أجل أظافري فهمت أن الجمال ليس أمرًا مرغوبًا في هذا العصر لا جمال المنظر، جمال الأفكار والرغبات، الكتابة اليدوية الجميلة، جمال العيون والرؤية، ولا حتى جمال صوتٍ جميل.

أمي العزيزة، لقد تغيرت أيديولوجيتي، أنت لست مسئولة عن ذلك كلماتي لا تنتهي، وأعطيتها كلها لشخص ما حتى عندما أعدم من دون وجودك ومعرفتك، يعطيها لك ولقد تركت لك الكثير من المواد المكتوبة بخط اليد كتراث لي.

ومع ذلك، أريد شيئا منك قبل موتي، وعليك أن تقدمي لي هذا الشيء بكل قوتك وبأي شكل من الأشكال في الواقع هذا هو الشيء الوحيد الذي أريده من هذا العالم، هذا البلد ومنكم.

أمي الطيبة، أكثر شيء عزيز على في حياتي، أنا لا أريد أن أتعفن تحت التراب لا أريد لعينيّ أو قلبي الشاب أن يتحولوا إلى غبار توسلي بحيث يتم ترتيب أنه، وبمجرد أن يتم شنقي، سوف يتم أخذ قلبي والكلى والعيون والعظام وأي شيء يمكن زرعه بعيدًا عن جسدي ويعطى لشخص يحتاج إليه كهدية لا أريد أن يعرف المتلقي اسمي، أن يشتري لي باقة ورد، أو حتى يقوم بالدعاء لي.

أنا أقول لك من أعماق قلبي إنني لا أريد أن يكون لي قبر لتأتي إليه وتحزني وتعاني أنا لا أريدك أن تقومي بارتداء الملابس السوداء على وابذلي قصارى جهدك لنسيان أيامي الصعبة وامنحيني للريح لتأخذني بعيدًا.

العالم لم يحبنا، والآن أنا أستسلم لذلك وأحتضن الموت لأنه في محكمة الله سوف أقوم باتهام المفتشين، وسوف أتهم القاضي، وقضاة المحكمة العليا في البلاد الذين ضربوني عندما كنت مستيقظة، ولم يمتنعوا عن مضايقتي.

في العالم الآخر، إنه أنا وأنت من سيوجه التهم، وغيرنا هم المتهمون دعينا نرى ما يريده الله أنا أحبك.

ارقدي في سلام أيتها النقية .

الجمعة، 24 أكتوبر 2014

تمثيل المرأة العُمانية في المجتمع المدني

إعداد: حبيبة الهنائي
24 أكتوبر/تشرين الأول 2014

مقدمة:

لقد حظيت المرأة العُمانية باهتمام كبير من لدن السلطان قابوس بن سعيد منذ توليه مقاليد الحكم بتاريخ 23 يوليو/تموز 1970، لتسهم في بناء وطنها جنباً الى جنب مع أخيها الرجل، وأخذت دورها في دفع عجلة التنمية للأمام، لنقلها الى مصاف الدول المتقدمة. فقد أعطى السلطان قابوس قضايا المرأة أهمية كبرى، وسعى إلى تحريرها من الجهل، ومحو الأمية من خلال الاسراع بتحديث نظام التعليم، وإنشاء مدارس خاصة للبنات، لاقت اهتماماً كبيراً ومتابعة شخصية منه خلال زياراته المتكررة لها. في الوقت الذي كان فيه المجتمع المحلي منغلقًا على نفسه، ويسوده الجهل والتخلف، ويرفض تعليم الفتاة. سعى السلطان قابوس إلى حث المرأة العُمانية على التفوق والابداع ونيل الدراسات العليا. وكان في ذلك الوقت يقوم شخصيا بتسليم شهادات التفوق للطلبة الأوائل من خريجي الثانوية العامة. كما بدأ السلطان قابوس باكراً بمحاربة العرف والعادات والتقاليد السلبية البالية، التي تنتهك حقوق المرأة وتؤذيها؛ مثل زواج القاصرات، عندما حدد القانون سن الـثامنة عشرة لزواج الفتاة. كما دعا إلى تقليل المهور، وتحديد النسل، ومنح الفتاة حقها في اختيار الزوج، من خلال سَن القوانين التي تحميها وتحافظ عليها. كما قام السلطان قابوس بتشجيع المرأة على الانخراط في سوق العمل، ومنحها المناصب الادارية والوزارية والتمثيل الرسمي، وشجعها على الانضمام إلى السلك العسكري. وكان لهذه الجهود انعكاسات إيجابية واضحة للعيان ساهمت في دفع عجلة التنمية وتطور البلاد إلى فترة التسعينيات من القرن الماضي. لكن منذ منتصف التسعينات بدأت بوادر الجمود والبطء في التنمية بالظهور؛ والتي استمرت حتى يومنا هذا. اليوم عند تقييمنا لوضع المرأة العُمانية سنرى بأن نسبة مشاركتها في مواقع صنع القرار لا زالت ضعيفة. كما أن آلية انتقاء السلطة للمرأة لأجل تعيينها في العديد من مواقع صنع القرار لم تلبِّ الكثير من طموحاتها، وذلك بسبب عدم استثمار قدرات المرأة بطرق مدروسة، من خلال تنفيذ استراتيجية واضحة تهدف إلى تمكين المرأة، وتطوير مهاراتها، وتعزيز انتمائها المجتمعي، ورفع وعيها الحقوقي والسياسي.

الجمعيات النسائية أو جمعيات المرأة العُمانية:

     فور تسلم السلطان قابوس مقاليد الحكم في العام 1970، دعا المواطنين العُمانيين في بلاد المهجر، بدءاً من دول الخليج العربي ووصولا إلى دول شرق أفريقيا وأوروبا، إلى العودة للوطن، للمساهمة في البناء والتنمية. وذلك تزامناً مع اكتشاف النفط في دول الخليج العربي. وكان السلطان قابوس يعوّل كثيراً على شريحة كبيرة من العُمانيين المتعلمين العائدين من دول المهجر مثل الكويت والبحرين والسعودية ومصر وشرق أفريقيا وبريطانيا في البناء والتنمية. حيث كان الجهل والتخلف يسود المجتمع العُماني المحلي آنذاك. ولقد قام السلطان قابوس بتكليف عدد كبير منهم بمناصب قيادية رفيعة في الدولة. وكان من ضمنهم مجموعة من النساء. مثل الأستاذة شريفة اللمكي التي تخرجت من جامعة القاهرة في عام 1955. وأيضا الأستاذة الراحلة سميرة بنت سالم المعمري، التي فور عودتها إلى عُمان في العام 1971، تم تعيينها بمنصب مفتشة عامة للتعليم في السلطنة. وهي والدة معالي الدكتورة راوية البوسعيدي؛ وزيرة التعليم العالي. وأيضا هناك العديد من الأساتذة مثل الراحلة شيرين الغماري وغيرهن.

في عام 1971م أصدر السلطان قابوس أوامره بتأسيس أول جمعية نسائية في عُمان، لتشجيعها للخروج للحياة العامة، والتحرر من القيود المجتمعية التي تحد من عطائها. ومنذ تأسيسها، توالت عدة شخصيات نسائية في رئاسة هذه الجمعية، مثل معصومة مكي، وزمزم مكي، والسيدة عنيّة، والسيدة دعد، والسيدة زكية الخ. لكن أنشطة جمعيات المرأة العُمانية طغت عليها الصبغة الرسمية أكثر من كونها مدنية؛ على اعتبار أن تأسيسها جاء بأوامر رسمية من الدولة. وأكبر دليل على ذلك، أنه في فترة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وحتى بعد ذلك، تناوبت الشخصيات التي تنتمي إلى الأسر المتنفذة والقريبة من السلطة على رئاسة جمعية المرأة في مسقط؛ التي تعتبر الجمعية الأم لجميع فروعها والتي وصل عددها اليوم إلى 38)) جمعية، منتشرة في جميع الولايات والمحافظات في السلطنة. ومن الملاحظ أن جميع من ترأسن هذه الجمعية هن مزيج ما بين شخصيات تنتمي إلى عائلات قريبة من السلطة السياسية مثل سيدات من الأسرة الحاكمة، بالإضافة إلى السلطة القبلية والسلطة المالية؛ كون أن هذه الجمعية تستقبل شخصيات نسوية رفيعة المستوى من مختلف دول العالم. مثل زوجات رؤساء الدول، أثناء الزيارات الرسمية للسلطنة، كالأميرة الراحلة ديانا، والعديد من الشخصيات المرموقة وأعضاء في السلك الدبلوماسي. ومن الملفت للانتباه أيضا أنه خلال الآونة الأخيرة ترأست جمعية المرأة العُمانية في مسقط عضوات من مجلس الدولة، مثل المكرمة شكور الغماري والمكرمة المهندسة ناشئة الخروصي.

أما بخصوص مصدر الدخل لجمعية المرأة العُمانية في مسقط، فهي تعتمد بشكل أساسي على الدعم الحكومي؛ مثلها مثل بقية الجمعيات الأخرى. وأيضاً على الشركات الراعية لبعض أنشطتها، وعلى الدعم المقدم من السفارات الاجنبية، بشرط موافقة الجهات الرسمية المشرفة عليها مثل وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة الخارجية. وعلى عوائد إيجار القاعات المخصصة لإقامة الفعاليات كحفلات الأعراس وغيرها من الأنشطة المختلفة، وعلى مدخول المدرسة الخاصة للأطفال.

وتبث هذه الجمعيات رسالتها الحاثة على ضرورة احترام التقاليد المحلية. كما تقتصر أنشطتها على البرامج الخاصة برعاية المرأة والطفل، وتنظيم الدورات التثقيفية والتعليمية، ومحو الأمية، وإقامة المعارض الخيرية، وتنظيم الاحتفالات الوطنية. كما تقوم جمعية المرأة بتنظيم حملات لجمع التبرعات أثناء الأنواء المناخية أو خلال الظروف الاستثنائية كانتشار الأوبئة ومناصرة فلسطين وإنشاء رياض الأطفال والتدريب الحرفي والمهني، بشرط حصولها على الموافقة من الجهة المشرفة عليها وهي وزارة التنمية الاجتماعية. وكذلك يشترط الحصول على الموافقة الرسمية قبل تلبية عضواتها لأي من الدعوات التي تصلها للمشاركات الخارجية. وبالتالي نجد أن هذه الجمعيات تعمل وكأنها دوائر أو أقسام حكومية تحت مظلة وزارة التنمية الاجتماعية.

كما بدأت الجمعية مؤخرا بتنظيم فعاليات يوم المرأة العُمانية. وذلك منذ الإعلان عنه في ندوة المرأة العُمانية التي عقدت بمنطقة سيح المكارم بولاية صحار، في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2009. لكن اقتصرت جميع هذه الفعاليات على إبراز المنجزات، وعلى تجديد الولاء والثناء للسلطان، وبالتالي يستغل هذا اليوم فقط في تمجيد ومدح الحكومة، والترويج السياسي لها ولاحترامها لحقوق المرأة. مع تجاهل واضح لطرح قضايا المرأة العُمانية الشائكة والهموم التي تمسها. فقد تجاهلت هذه الجمعيات الاهتمام بالجانب الحقوقي والتوعية السياسية للمرأة. وبالتالي لم تساهم في إبراز العقبات التي تحول دون النهوض بحقوق المرأة، ودعم القضايا الحساسة التي تمسها. ولم تتبنَّ مطالبات المرأة خلال أحداث عام 2011م، أو أخذ أي دور إيجابي سواءً في المتابعة أو التهدئة أو لعب دور الوسيط لإيصال مطالبات المرأة للحكومة واحتوائها، وإنما اقتصر أداؤها فقط على لعب دور المتفرج. لذا فمن الطبيعي أن تتجاهل جمعيات المرأة مناقشة القضايا الحساسة والجادة التي تنتهك حقوق المرأة مثل تبني حملات التصدي لظاهرة ختان الإناث المنتشرة في السلطنة بشكل واسع، والمطالبة بحقوق أبناء العُمانيات المتزوجات من الخارج. كما لم تتبنَّ الحالات الخاصة التي تنتهك فيها المرأة حقوقها بشكل جسيم مثل قضايا النفقة والطلاق والتحرش الجنسي وفقدانها لوصاية أبنائها، والحالات المنتهكة لحقوق الطفل. لذا بقيت هذه الجمعيات مهجورة تصارع كل سنتين، مع اقتراب موعد الانتخابات، لأجل اكتمال نصاب عدد الناخبات لتفادي الاحراج وإلغائها.

الجدير بالذكر أنه رغم انطلاق عمل المجتمع المدني وتأسيسه في العاصمة مسقط، لكن خلال العقد الماضي فإن هذا العمل المدني تراجع تراجعاً كبيراً وملموساً، بينما نشط بشكل لافت وايجابي في الولايات والمحافظات، التي تقع خارج حدود العاصمة مسقط. وربما يعود السبب الى ارتفاع ضغوطات الحياة في العاصمة مسقط، والغلاء المعيشي، وتعدد وسائل الترفيه، وازدحام الطرق، وصعوبة التنقل، وبُعد المسافات، وتشتت الأسر، وضعف التكافل الاجتماعي. كما تَلاحظ توظيف السلطة مثل هذه الجمعيات والمبادرات، للتعريف بالشخصيات النسوية القريبة منها للمجتمع، وذلك قبل منحها مناصب رفيعة بالدولة، من خلال تعيينهن بقرارات وزارية لرئاسة هذه الجمعيات لتكوين سير ذاتية شكلية لهن .


مجلس الشورى
اُنشئ مجلس الشورى العُماني في عام 1991م، ويصل مجموع أعضائه الى (84) عضوا ، ليحل محل المجلس الاستشاري للدولة الذي استمر من عام 1981م حتى عام 1991م. ويضم مجلس الشورى ممثلي ولايات السلطنة الذين يتم اختيارهم من قبل العُمانيين في انتخابات عامة، تتمتع فيها المرأة العُمانية بحق الانتخاب والترشح بالتساوي. وكان للمرأة العُمانية الريادة على صعيد دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، بمشاركتها في عضوية مجلس الشورى منذ عام 1994م. ولم يحظَ المجلس بالحضور النسائي خلال فترته الأولى (1992-1994)م. حيث فازت أول امرأتين بعضوية مجلس الشورى في الفترتين الثانية والثالثة وهما سعادة/ طيبة بنت محمد المعولي عن ولاية السيب وسعادة / شكور بنت محمد الغماري عن ولاية مسقط في الأعوام (1995-1997)م و (1998-2000)م على التوالي. ومباشرة تم تعيين سعادة شكور الغماري في عضوية مجلس الدولة بعد انتهاء فترتها في مجلس الشورى في عام 2000م. واستمرت عضويتها في الفترة الثانية والثالثة والرابعة أي من عام 2000م وحتى 2011م. كما ترأست جمعية المرأة العُمانية في مسقط. بينما اعتقلت طيبة المعولي في عام 2005م بتهمة إهانة موظفين عموميين ومخالفة قانون النشر وقضت فترة ستة أشهر في السجن وذلك بسبب مطالباتها المستمرة بحقوق المواطنين .

كما فازت أيضا امرأتان بعضوية مجلس الشورى في الفترة الرابعة (2001-2003)م، والفترة الخامسة (2004-2007)م، وهما سعادة لجينة بنت محسن بن حيدر درويش ممثلة عن ولاية مسقط، وسعادة رحيلة بنت عامر بن سلطان الريامي ممثلة عن ولاية بوشر. ومباشرة بعد انتهاء المدة تعينت المكرمة رحيلة الريامي في عضوية مجلس الدولة، خلال الفترة الرابعة والخامسة؛ أي منذ عام 2007م وحتى عام 2015م .

أما الفترة السادسة (2007-2011)م، فقد شهدت غياب النساء من عضوية الشورى، رغم ما سجلته المرأة الناخبة من حضور بارز وإقبال كبير على صناديق الاقتراع. حيث لم تنجح ولا امرأة واحدة في حصد الأصوات الكافية لفوزها، رغم ترشح 21 امرأة من بين 717 مترشحا يمثلون 61  ولاية في جميع أرجاء السلطنة. وجرت تساؤلات ومناقشات كثيرة حول احتمالية إتباع نظام" الكوتا" لحجز مقاعد ثابتة للمرأة في الانتخابات البرلمانية. أما في الفترة الحالية التي بدأت في عام 2012م وتنتهي في عام 2015م فقد نجحت امرأة واحدة فقط في الفوز بمقعد في عضوية المجلس وهي سعادة نعمة بنت جميل البوسعيدي.

ومن خلال قراءتي الشخصية، فإن جميع عضوات مجلس الشورى، باستثناء طيبة المعولي، التي دفعت ثمناً باهظاً لجرأتها في المطالبة بالحقوق السياسية، لم تنجح أيهن في كسب ثقة الناخبة العُمانية. حيث بعد قضية محاكمة وسجن طيبة المعولي، التزمت بعدها جميعهن الصمت المطبق، وكن يكتفين بتنفيذ ما يُملى عليهن من مهام ومسؤوليات من السلطة الذكورية؛ بالتالي أصبح تمثيلهن صوريًا بل وانعكس سلباً على تجربة مشاركة المرأة في الحياة السياسية. وهذا كان كفيلًا بفقدان العضوة في مجلس الشورى مصداقيتها أمام الناخبة العُمانية، وذلك بسبب عدم تقديم تجارب برلمانية نسائية مؤثرة وناجحة حتى يومنا هذا. مما أدى إلى الاصابة بخيبة أمل كبير من جانب العُمانيات، وشعورهن بالخذلان. وكردة فعل طبيعية انحازت المرأة الناخبة نحو السلطوية الذكورية، التي لازمتها عبر قرون طويلة، وسعت لأجل الإبقاء على ذات الظروف، المفروضة عليها مجتمعياً، وذلك بعدما تعلمت التكيّف معها، ولكي تتفادى الخوض في مغامرات جديدة، مشكوكة النتائج. لذلك قررت الناخبة العُمانية الاصطفاف مع ولاة أمرها التقليديين، بعدما تعلمت كيفية التعامل معهم. حيث بعد انتخابهم تحاول الضغط عليهم، لوضع همومها في الحسبان، على أمل إنصافها، عند إصدار قراراتهم، ومحاولة توجيههم نحو الإصلاح والتغيير، بعدما رأت في الرجل المتسلط بصيص أمل، وإمكانية التأثير عليه، ليعمل في صالحها، أكثر من الكدمات المشوهة، التي قد تتركها بنات جنسها، اللاتي لا يملكن أي سلطة أو قرار. كما أن عدوى الأعضاء من المجتمع النخبوي والقبائل المقربة من السلطة انتقلت كذلك الى المرشحات النساء. خصوصاً وأن الأنظار كلها ستسلط عليهن بعد فوزهن، سواءً على المستوى المحلي أو الدولي، وبما أن الأنظار الدولية هي التي تقلق السلطات أكثر من غيرها، وعليه، فبطريقة أو بأخرى فقد كان لا بد من دخول المرأة القريبة من السلطة في عضوية الشورى، مما ساهم في عرقلة عمل المجتمع المدني وتراجعه .

مجلس الدولة : تكوين المجلس

   صدر المرسوم السلطاني السامي رقم (86/97) في شأن مجلس عُمان، الذي يتكون من مجلسي الدولة والشورى، وقد جاء في ديباجه المرسوم أنه يأتي – أي مجلس عمان - توسيعاً لقاعدة المشاركة في الرأي، بما يؤدي إلى الاستفادة من خبرات أهل العلم وذوي الاختصاص، ويسهم في تنفيذ استراتيجية التنمية الشاملة وخدمة الصالح العام. (المصدر: الموقع الرسمي للمجلس)



يوضح الشكل البياني نسبة مشاركة المرأة في عضوية مجلس الدولة منذ تأسيسه في عام 1997م. وكانت نسبة المشاركة النسوية في الفترة التأسيسية الأولى للمجلس (1997 - 2000)م (10%) مقارنة بمجموع الرجال،  حيث بل عدد الرجال (41) عضوا مقابل (4) نساء.

أما الفترة الثانية (2000 – 2003)م  فبرغم ارتفاع عدد أعضاء المجلس فيها إلى (54) عضوا وزيادة عدد النساء إلى (5) عضوات،  إلا أنها شهدت تراجعًا طفيفًا في نسبة مشاركة النساء الى (9%) مقابل زيادة عدد الأعضاء الذكور إلى (49) عضوا.

وشهدت الفترة الثالثة ارتفاعًا طفيفًا في تمثيل المرأة بالمجلس، إذْ زاد عددهن الى (9) نساء وبنسبة (15%) مقابل (51) رجلًا من العدد الاجمالي وهو (60) عضوا.

أما أعلى ارتفاع شهده المجلس في تمثيل المرأة فكان في الفترة الرابعة (2007 - 2011)م بنسبة (20%)، ويرجع ذلك كردة فعل من الحكومة بعدما فشلت المرأة العُمانية في الفوز بمقعد لها في عضوية مجلس الشورى ولتعويض تلك الخسارة فقد قام السلطان قابوس بتعيين (14) امرأة في عضوية مجلس الدولة من ضمن (71) عضوا .

أما بالنسبة للفترة الخامسة فقد ارتفع إجمالي أعضاء المجلس إلى (83) عضوا وتم تعيين (15) امرأة بنسبة 18% مقابل (68) رجلا .

عدد سنوات التمثيل البرلماني للمرأة العُمانية في مجلسي الشورى والدولة



 يوضح الشكل عدد السنوات التي قضتها المرأة في عضويتها بمجلسي الشورى والدولة. ويبين الشكل وجود عشر نساء استمرت عضويتهن لثلاث فترات، علما بأن إحداهن متوفية. بينما هناك (7) عضوات سوف تنتهي فترة عضويتهن في العام 2015م وبالتالي سوف تتضح الصورة أكثر فيما لو سيتم تمديد عضويتهن في المجلس أم لا. وأيضا هناك العضوة الوحيدة في مجلس الشورى التي ستنتهي فترتها هي كذلك في العام القادم 2015م.

أما بالنسبة لأطول فترة قضتها امرأة في عضوية البرلمان (الشورى والدولة) فهي المكرمة شكور الغماري التي استمرت عضويتها لفترتين في مجلس الشورى لمدة (6) أعوام من العام 1995 الى 2000 ومن ثم عينت مباشرة في مجلس الدولة في الفترة الثانية والثالثة والرابعة أي من العام 2001 الى 2011م لكي يصبح المجموع الكلي (16) عاما. ومن ثم تأتي المكرمة رحيلة الريامي التي استمرت عضويتها في مجلس الشورى لمدة (6) أعوام من الفترة 2001م الى 2007م ومباشرة تم تعيينها في عام 2007م في مجلس الدولة في الفترة الرابعة والخامسة والتي تنتهي في العام القادم 2015م. وبالتالي استمرت عضويتها في المجلسين حتى الآن (14) عاما.

وأيضا هناك المكرمتان لميس الطائي وسميرة بنت محمد أمين اللتان بدأتا فترة عضويتهما في مجلس الدولة منذ تأسيسه أي في الفترة الأولى وتم تمديد عضويتهما الى الفترة الثانية والثالثة والرابعة أي من العام 1997م الى 2011 والتي دامت لمدة (14) عاما.

وهناك أيضا الوكيلتان السابقتان لوزارة التنمية الاجتماعية المكرمة د. فوزية الفارسي والمكرمة د. ثويبة البرواني وأيضا المكرمة الشيخة زهرة النبهاني اللاتي تم تعيينهن في عضوية مجلس الدولة في الفترة الثالثة والرابعة والخامسة أي منذ العام 2003م وقد أكملن حتى الآن (12) عاما وتنتهي في العام 2015م.

أما المكرمة منى بنت محفوظ  المنذري والمكرمة رحيمة القاسمي فقد استمرت عضويتهما في مجلس الدولة لعشر سنوات أي من العام 1997م الى 2007م وذلك في الفترة الثانية والثالثة والرابعة. كما هناك أربع نساء تحملن لقب دكتور ستكملن ثمان سنوات في عضوية المجلس مع نهاية الفترة الحالية التي ستنتهي في العام القادم  2015م وهن د. نادية الوردي و د. سعاد بنت محمد و د. شيخة المسلمي و د. منى البحراني. كما أنه هناك سبعة وجوه جديدة انضمت الى عضوية المجلس خلال الفترة الخامسة والتي ستنتهي في العام 2015. أما بالنسبة لأقصر فترة قضتها امرأة في المجلس فهي الدكتورة سعيدة خاطر الفارسية التي تعينت بمرسوم سلطاني الذي صدر بتاريخ 11/5/2010 أثناء الفترة الرابعة (2007 الى 2011)م وبالتالي استمرت عضويتها لمدة عام واحد فقط.

اذن من الضروري الوقوف على الأسماء التي يتم انتقاؤها لتعيينها في عضوية مجلس الدولة. فمن الملاحظ أن هذه التعيينات تشمل أسماء إما تتكرر ما بين مجلسي الشورى والدولة أو من مسئولات حكوميات سابقات أو من أكاديميات من جامعة السلطان قابوس لم يسمع أحد عنهن قبل التعيين أو من الطبقة النخبوية والمخملية القريبة من السلطة، مع مراعاة التوازن ما بين جميع الطوائف المنتشرة في السلطنة. ورغم أن هذه الجهة تمثل صوت المرأة، لكن فشلت عضوات المجلس في القيام بالدور المنوط بهن، وتقليص الفجوة بين التشريع والممارسة، والتقارب مع المجتمع، ومعايشة الأحداث والمستجدات، ورفع المقترحات والحلول الكفيلة بالنهوض بحقوق المرأة، واقتراح ما تحتاجه التشريعات من تطوير، وإيجاد الآليات والإجراءات الكفيلة بدعم مشاركتها في الحياة العامة. واكتفى دورهن بالتمثيل الرسمي والدبلوماسي وتلميع صورة المرأة العُمانية، والدعاية لما تتمتع به من حقوق، والرد على ضيوف الدولة بحذر شديد ودبلوماسية تامة حول مطالبات الشارع العُماني مما ساهم في عرقلة عمل المجتمع المدني وتراجعه.

التمثيل الرياضي للمرأة العُمانية:

بدأ ظهور اهتمام المرأة العُمانية بالرياضة منذ السبعينيات، وذلك تزامناً مع عودة الآلاف من العُمانيين من دول المهجر، خلال تلك الحقبة الزمنية من تاريخ عُمان، مثل العائدين من دول الخليج العربي وشرق أفريقيا، ممن استقروا في العاصمة مسقط. وكان من بين العائدين نسبة كبيرة من النساء المتعلمات والمثقفات، اللاتي اكتسبن مهارات وخبرات واسعة في دول المهجر، وفي مختلف المجالات؛ من ضمنها النشاط الرياضي. بالتالي شهدت فترة السبعينيات والثمانينيات حراكا مجتمعيا نشطا واستثنائيا، مع حضور بارز للمرأة العُمانية، من خلال مشاركتها في العديد من الأنشطة الثقافية داخل أروقة أندية العاصمة مسقط، مثل نادي فنجا ، ونادي عُمان, والنادي الأهلي، ونادي روي، ونادي السيب. حيث كانت تقام بين أروقة هذه الأندية العديد من المسرحيات والحفلات الغنائية والاحتفالات بالأعياد الوطنية والأنشطة المدرسية والأعراس بجانب المنافسات الرياضية.

أما في المجال الرياضي، فقد كانت المرأة العُمانية خلال ذلك الوقت، تمارس الرياضة في استحياء شديد، ومارستها كنوع من التسلية والترويح، داخل محيط الأسرة والمعارف. ولقد طغى على هذه الممارسة الكثير من التحفظ  والخصوصية. وربما يعود السبب وراء عدم مطالبتها بمزيد من الاهتمام والاعتراف الرسمي في ذلك الوقت؛ رغم توفر مساحة كبيرة من الحرية والانطلاق خلال تلك الحقبة الزمنية الاستثنائية، التي خسرتها عبر السنوات اللاحقة، ربما بسبب قلة عددهن، وعدم اندماجهن ببعضهن البعض، كون كل فئة أو مجموعة منهن قدمت من دولة مختلفة، وتحمل ثقافات وخلفيات مختلفة. وأيضا بسبب انشغالهن بتأسيس حياة جديدة في الوطن الجديد، الذي كان غريبا على غالبيتهن، ممن ولدن في دول المهجر. بالإضافة إلى الظروف المعيشية القاسية في ذلك الوقت. وأيضاً قد يعود السبب إلى عدم إجادة مجموعة كبيرة منهن للغة العربية، خصوصاً بالنسبة للعُمانيات العائدات من دول شرق أفريقيا وأوروبا. ممن يحملن فكراً حراً ومنفتحاً حول ممارسة المرأة للرياضة. وبالتالي أصبح الجهل باللغة العربية حاجزاً وعائقاً في التواصل مع المسؤولين في الدولة لرفع مطالبهن، وعليه، اقتصرت ممارسة المرأة العُمانية للرياضة حتى بداية التسعينيات على النشاط الرياضي المدرسي، تحت مظلة وزارة التربية والتعليم وشؤون الشباب، أو داخل محيط الأسرة. أو من خلال انضمامها للأندية الصحية الخاصة بالفنادق أو الأندية التابعة للسلك العسكري مثل الشرطة والجيش. لكن مع مرور الوقت بدأت هذا الحركة الرياضية النسائية الخافية والصامتة في البروز. وأصبحت تتشكل بين ميادين الفروسية بالإضافة إلى القطاع الخاص مثل شركة تنمية نفط عُمان وبطولات الفنادق التي كانت تنظم للنساء، في بعض الألعاب الفردية والجماعية، مثل كرة التنس الأرضي، وألعاب الاسكواش، والكرة الطائرة، وكرة الشبكة، وكرة الريشة، ولعبة الجولف التي كانت تمارس على الرمال الناعمة في نادي غلا للجولف، وداخل ملاعب وزارة الدفاع وشرطة عُمان السلطانية، ورياضة الغوص وغيرها من الألعاب التي لم تعلن عن نفسها الا من خلال متابعة الصحافة الناطقة باللغة الإنجليزية. نظرا لتنظيم ومشاركة الجالية الأجنبية المقيمة فيها. بينما كانت القلة من الفئة النخبوية والأسر المتعلمة هن من يمارسن الرياضة لعدم وجود التوعية وعدم قدرتهن على تحمل التكاليف الباهظة.

لكن في بداية التسعينيات بدأ النشاط الرياضي النسائي بالظهور بشكل منظم. رغم عدم الاعتراف الرسمي بهذا النشاط حتى ذلك الوقت، ماعدا الرياضة المدرسية للفتيات. وذلك تزامناً مع تخرج دفعات جديدة من بنات الجيل الأول من العُمانيات العائدات من المهجر، من الدراسة في عُمان بمرحلة الثانوية العامة واتقانهن للغة العربية، ولاحقا بعد عودتهن من الدراسة الجامعية في الخارج، بعدما تم ابتعاثهن قبل افتتاح جامعة السلطان قابوس عام 1986م. إذن تعتبر المرحلة الانتقالية للرياضة النسائية في عُمان هي في أوائل التسعينيات وذلك بعد عودة الطالبات الجامعيات المبتعثات للدراسة الجامعية في الخارج، ولاحقا تخرجت دفعات جديدة من الجامعيات من جامعة السلطان قابوس خصوصاً الخريجات في تخصص التربية الرياضية.

في ذلك الوقت، على أي حال، لم يكن النشاط الرياضي للشباب يشهد استقرارا على المستوى الرسمي في عُمان. فقد كان يترنح بعدة مراسيم سُلطانية ويتم نقله من آن لآخر ليصبح تحت مسؤولية جهات مختلفة. في البداية خرج المرسوم السلطاني رقم 21/ 76 بتأسيس وزارة الشباب. ثم جاء المرسوم السلطاني رقم 28/ 079 لينقل "شؤون الشباب"، لتصبح مديرية عامة تتبع وزارة الإعلام وشؤون الشباب. ثم جاء المرسوم السلطاني رقم 40/ 82 الذي نقل اختصاصات شؤون الشباب من وزارة الإعلام إلى وزارة التربية والتعليم فأصبح مسمّاها “وزارة التربية والتعليم وشؤون الشباب”. ثم في عام 1991م صدر المرسوم السلطاني رقم 113/ 91 المعدل بالمرسوم السلطاني رقم 36/ 93 بإنشاء الهيئة العامة لأنشطة الشباب الرياضية والثقافية. وأخيراً المرسوم السلطاني رقم 112\ 2004 بإنشاء وزارة الشؤون الرياضية. (مصدر المراسيم: الموقع الرسمي لوزارة الشؤون الرياضية)

وعليه، في بداية التسعينيات، عندما خَرجت أصوات العُمانيات المطالبة بالاعتراف الرسمي بنشاطهن الرياضي، أوصدت جميع الأبواب في وجوههن. وقُدّمت لهن أعذارٌ واهية وشروطٌ تعجيزية. مثلا عليهن الانتساب للأندية المحلية أولا، وتنظيم مسابقات ودوريات محلية قبل المطالبة بالاعتراف الرسمي. وكانت هذه المطالب شبه مستحيلة! أمام الصعوبات والتحديات التي تواجهها المرأة. وذلك بعدما شهدت هذه الأندية منذ أكثر من عقد من الزمن هجرات جماعية للعنصر النسائي، وذلك لأسباب عديدة. مثلا هناك معوقات نفسية مثل نظرة المجتمع لهن، والاختلاط الذي أصبح ممنوعا، وارتداء اللباس الرياضي. وأيضا هناك معوقات ثقافية مثل العرف والمعتقدات والعادات والتقاليد. كما توجد معوقات اقتصادية مثل ظروف العمل وعدم توفر الدعم المادي ومصدر للدخل. كذلك هناك معوقات اجتماعية مثل الأسرة والدراسة والزواج وقطع المسافات البعيدة. أيضاً هناك معوقات بيئية مثل الطقس الحار وعدم توفر الخصوصية ومرافق صديقة للمرأة في الأندية والمجمعات الرياضية مثل غرف تغيير الملابس ودورات للمياه. برغم ذلك رحبت غالبية الأندية في العاصمة مسقط بعودة العنصر النسائي إليها، مثل نادي فنجا الرياضي، ونادي عُمان، والنادي الأهلي، ونادي السيب، ونادي روي، ونادي مطرح. حيث لم تنسَ إداراتها دور العنصر النسائي في فترة ليست ببعيدة وإعادة دور النادي في خدمة المجتمع ثقافياً ورياضياً. لكن جميع هذه الأندية فقيرة وتعتمد على الدعم المالي المقدم من الدولة، مع عدم قدرتها على تحمل أعباء مالية إضافية لأجل توفير الخصوصية والمناخ المناسب للمرأة لممارسة الرياضة
.
رغم كل هذه العقبات والعراقيل لم يتوقف الحراك النسوي الرياضي، بل شهد حماسا شديداً . وقررت النساء تحدي تلك الظروف القاهرة. بل وشهد الحراك  انتشارا سريعاً، وسط ذلك الحماس والرغبة الجامحة في الاستمرار. لم تكن هناك من وسيلة أخرى سوى اللجوء لوسائل الإعلام المحلية المختلفة. وقامت بعض المتطوعات بإعداد التغطيات الإخبارية والتحقيقات الصحفية وإرسالها جاهزة للنشر إلى الصحف المحلية المختلفة، للإعلان عن وجودها والمطالبة بالاعتراف بها. ثم قامت بعض المتطوعات بتنظيم الدورات الرمضانية للعبة الكرة الطائرة النسائية. ولقد تم تنظيم أول دورة رمضانية للكرة الطائرة النسائية في العام 1991 تحت مظلة نادي فنجا الرياضي، في ملعب التنس في فندق الفلج في روي. وذلك بهدف تلبية شروط المسؤولين في المجال الرياضي للاعتراف بنشاطهن. ثم في العام الذي يليه 1992 تم تنظيم الدورة الرمضانية الثانية للكرة الطائرة النسائية تحت مظلة نادي روي الرياضي. وفي العام 1993تم تنظيم البطولة النسائية الثالثة للكرة الطائرة برعاية صحيفة " تايمز أوف عمان” ونادي عُمان الرياضي. وفي نفس هذا العام تم تنظيم الدورة الرمضانية الرابعة للكرة الطائرة النسائية تحت مظلة نادي السيب. قبل أن تصدر أوامر حكومية بوقف تنظيم هذه البطولات التي انتشرت بشكل واسع في العاصمة مسقط وبمشاركة كبيرة من اللاعبات العُمانيات والمقيمات وذلك بسبب استياء السلطة الدينية والقبلية من تنظيم هذه البطولات
.
في شهر يوليو 1993 أصدرت الهيئة العامة لأنشطة الشباب الرياضية والثقافية قرارا بإنشاء دائرة النشاط النسوي، الذي تحول لاحقا إلى قسم لأنشطة الفتيات. ولقد تم تعيين عايدة الغماري رئيسة لهذا القسم. كانت فرحة الرياضيات العُمانيات غامرة بقرار تأسيس هذا القسم ظنا منهن أن هذا الاعتراف الرسمي سوف يساهم في تطوير رياضة المرأة وحصولها على الدعم اللازم الذي طال انتظاره. لكن منذ ذلك الوقت شهد النشاط النسائي الرياضي عشر سنوات عجاف وجمودًا منقطع النظير، بينما تم التركيز على الأنشطة الثقافية فقط، ومُنِع تنظيم أي نشاط رياضي نسائي دون الحصول على الموافقة الرسمية من الهيئة؛ وبالتالي أضاف الاعتراف الرسمي لرياضة المرأة قيدًا آخر تسبب في وأد النشاط وخنق ممارِساته.

كان هذا حتى حلول عام 2004  وذلك عندما صدر المرسوم السلطاني رقم 112\2004 بإنشاء وزارة الشؤون الرياضية. وبعدها أصدر وزير الشؤون الرياضية بتاريخ 30 ابريل/نيسان 2005 قرارًا وزاريًّا بتشكيل أول لجنة نسائية على مستوى السلطنة لتطوير الرياضة النسائية. وكانت اللجنة تتبع في البداية وزارة الشؤون الرياضية،  وكانت تترأسها السيدة سناء بنت حمد البوسعيـدية، وفي عضويتها كل من سعادة الإسماعيلية، وحبيبة الهنائية، وخديجة بنت محمد قطن، ومريم بنت سيف الحوسنية، وفريدة بنت زاهر السيبانـية، عضوة ومقررة. وكانت أهداف اللجنة تتمثل في وضع تصور للبرامج والمشروعات الخاصة بالأنشطة الرياضية النسائية، والعمل على تنشيط وتفعيل الأنشطة النسائية في الهيئات الخاصة العاملة في المجال الرياضي، و العمل على توعية تشجيع الرياضة النسائية وتفاعلها واندماجها في الحياة العامة، وتدعيم وتوطيد صلتها بالمجتمع من خلال وسائل الإعلام المختلفة، واقتراح الندوات التدريبية لإعداد الكوادر الرياضية النسائية وصقلها بالنواحي الإدارية والفنية بالتنسيق مع الجهات المعنية. ثم أصدر وزير الشؤون الرياضية ورئيس اللجنة الأولمبية العُمانية بتاريخ 29 يناير/كانون الثاني 2006 قراراً بنقل لجنة رياضة المرأة لتصبح إحدى لجان اللجنة الأولمبية العمانية. كما أنشئت في عام 2006 دائرة الرياضة النسائية في وزارة الشؤون الرياضية. إذن يعتبر العام 2005  هو الميلاد الفعلي لرياضة المرأة على المستوى الرسمي في عُمان. فمنذ هذا العام شهدت رياضة المرأة حراكا نشطا في الأندية الرياضية من خلال عودة العنصر النسائي إليها. كذلك دخلت المرأة في إدارة بعض الاتحادات الرياضية، وتم تشكيل الفرق النسائية، وتنظيم المسابقات المختلفة، وأيضا مشاركة المرأة في بعض المؤتمرات الرياضية المختلفة حول العالم
.
إنه من الضروري أن ندرك أن الأندية والاتحادات الرياضية واللجنة الاولمبية العُمانية هي مؤسسات للمجتمع المدني. وبالتالي لا يفترض أن تنضوي تحت مظلة المؤسسات الرسمية لتجنب التضارب في المصالح. لكن يبدو أن الفصل بين الرياضة والسياسة الذي ينادي به المجتمع الدولي أصبح ضرباً من ضروب المستحيل خصوصاً في الدول النامية. وهذا ما يحدث تماماً في عُمان؛ حيث أن وزير الشؤون الرياضية وهو أعلى سلطة رياضية رسمية يخالف هذا التوجه من خلال رئاسته للجنة الأولمبية العُمانية. وكذلك الأمر بالنسبة لموظفي وموظفات وزارة الشؤون الرياضية، الذين يعينون في مناصب رفيعة في الاتحادات الرياضية واللجنة الأولمبية العُمانية بجميع فروعها ولجانها المختلفة، بما أن هذه المؤسسات هي أهلية وتعتمد كلياً على العمل التطوعي. عليه؛ من الطبيعي أن تتم محاربة المتطوعين، لإبعادهم عن ساحة التنافس، من جانب موظفي وموظفات الوزارة، الذين يتسابقون لحصد الفرص لأنفسهم في الساحة الرياضية والمخصصة للمتطوعين. وذلك بحكم قربهم من المسؤولين وأصحاب القرار في الوسط الرياضي. وكل هذا يسهم في عرقلة عمل المجتمع المدني ويؤدي إلى تأخره.

وهذا الأمر يشمل جميع المؤسسات الأهلية في عُمان. مثلا جمعية الصحفيين التي تتبع وزارة الاعلام، والجمعيات الخيرية والنسوية والمهنية التي تتبع وزارة التنمية الاجتماعية، وغرفة تجارة وصناعة عُمان مع وزارة التجارة والصناعة الخ؛. وبما أن لجان المرأة الرياضية جاءت متأخرة فقد تم تطبيق ذات السياسات عليها. مثلا مديرة دائرة رياضة المرأة في وزارة الشؤون الرياضية تحتل منصب عضوية اللجنة الأولمبية العُمانية. أيضا منحت رئاسة لجنة رياضة المرأة لشخصية قريبة من السلطة وأيضاً تمثل مؤسسة رسمية. وهذه المناصب مخصصة للمتطوعين في المجال الرياضي وليس لموظفي المؤسسات الرسمية الذين يقبضون رواتب وامتيازات إضافية من جهات عملهم. كما يدعو المجتمع الدولي إلى عدم تهميش المرأة في المجال الرياضي بدءا من إلزام اللجان الوطنية بوجود ما نسبته 20% من النساء على الأقل في مجالس إدارة الاتحادات الرياضية واللجان الاولمبية الوطنية. بينما نجد أن من يمثل المرأة في عضوية اللجنة الأولمبية العُمانية في اللجنة الأولمبية الدولية هو رجل وشخصية متنفذة وقريبة من السلطة. بالتالي يتم تهميش المتطوعين من حظوظهم وفرصهم تحت نفوذ وجبروت المؤسسات الرسمية والموالين لها. وطبعا ينطبق هذا الأمر على اللجان الجديدة التي ظهرت مؤخرا مثل اللجنة الوطنية للشباب واللجنة العُمانية لحقوق الإنسان.

المبادرات التي وأدت قبل أن ترى النور:

المرأة العُمانية مبدعة وطموحة لكنها تائهة وسط البيروقراطية والفساد والواسطات والمحسوبيات. وهناك مبادرات رائعة طرحتها الكثير من النساء وكان مصيرها إما سرقتها ونسبها إلى أخريات، أو انتهاؤها في أدراج المسؤولين، أو تعرض صاحبات هذه المبادرات لتهديدات أمنية وأوامر عليا بوقفها، وهنا نخنق الإبداع.

كان للمهندسة ملك الشيبانية في فترة التسعينيات مبادرة رائعة وهي تأسيس جمعية للمرأة العاملة ولقد بذلت جهودًا مضنية في جمع الأسماء وإعداد الاستراتيجية، لكنها أجهضت من قِبل وزير التنمية الاجتماعية حينها بل وانتهت هذه المبادرة بسيناريو مأساوي. وقبل سنتين عاد هذا الحلم يراود الشيبانية فأعادت إحياء الفكرة وجمع الأسماء وتقدمت بطلب إشهار الجمعية في وزارة التنمية الاجتماعية وكان الرد بأن تعمل هذه المجموعة كرابطة تحت مظلة جمعية المرأة وأجهضت المبادرة.

ومن الفعاليات البارزة  والتي تستحق الإشادة بها، والتي هدفت إلى توعية المرأة بطريقة فاعلة وملموسة، ندوة "المرأة العُمانية: واقع وتطلعات" التي نظمتها إدارة جمعية الكتّاب والأدباء في عام 2009م، ولقد تم تنظيمها من قِبل إدارة شابة حينها وذلك خلال فترة رئاسة الكاتب سليمان المعمري، وذلك يومي 14 و 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2009م في فندق جولد توليب بالسيب.  وكان عقد هذه الندوة بعد مرور شهر واحد على عقد ندوة المرأة العُمانية بأوامر سلطانية في المخيم السلطاني بسيح المكارم في ولاية صحار خلال الفترة 17 إلى 19 أكتوبر/أكتوبر 2009م، والتي تم خلالها تدشين يوم المرأة العُمانية السنوي. ولقد واجهت هذه الندوة (أعني ندوة الجمعية العمانية للكتّاب والأدباء) ما واجهته من تحديات وصعوبات ومحاولات خفية لإلغائها لدرجة أنه قبل الندوة بقليل حاول وزيران في يوم واحد إثناء رئيس الجمعية عن عقدها وطالباه بإلغائها، أولهما حمد الراشدي وزير الإعلام آنذاك، والثانية شريفة اليحيائي وزيرة التنمية الاجتماعية، وعندما رفض الإلغاء جرت محاولات أخرى من تحت الطاولة لإلغائها، منها الاتصال بعدد من وسائل الاعلام لإبلاغها أخبارًا ملفقة بأن الندوة قد تم إلغاؤها، ومنها منع تغطية أي أخبار عنها في وسائل الإعلام العُمانية الرسمية.

لكن الندوة عُقِدتْ في النهاية، وشارك فيها عدد من الباحثين والمهتمين بشؤون المرأة والمجتمع وعرضت أوراق عمل تهدف الى تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني وتوعية المرأة العُمانية مدنيا وقانونيا وتعزيز الوعي القانوني للمرأة العُمانية وتسليط الضوء على المتحقق السياسي للمرأة في عُمان. وكان من بين المتحدثين الباحث والحقوقي أحمد المخيني بورقة عمل بعنوان (حقوق المرأة في المشاركة السياسية) والإعلامية باسمة الراجحية بورقة عمل بعنوان (المرأة العُمانية والمجتمع) والدكتور خالد العزري بورقة عمل بعنوان (خطاب الهوية) والدكتورة فاطمة الشيدية بورقة عمل بعنوان (مظاهر التهميش الاجتماعي والنفسي للمرأة) والمحامية بسمة الكيومي بورقة عمل بعنوان (قانون الأحوال الشخصية وضرورات التغيير) وحبيبة الهنائي بورقة عمل بعنوان (المرأة العُمانية وحقوق المواطنة) وغيرهم.



الختام:
إن المرحلة القادمة هي مرحلة تقرير المصير التي بات فيها المجتمع أكثر وعيا بحقوقه رغم تقصير الدولة في هذا الجانب. كما أن جيل الشباب اليوم مطلع على جميع الأحداث والمتغيرات التي تحيط به بمجرد دعسة زر بسبب سهولة التواصل مع العالم الخارجي. بل ولم يعد للإعلام التقليدي أي تأثير يذكر. كما يمتلك هذا الجيل الوسائل لاختبار السلطة والقدرة على قراءتها وفهم توجهاتها بينما عجزت الدولة عن استيعاب الشباب وكسبهم في صفها. وأكبر دليل على ذلك تمسكها بأبناء الشيوخ والسلطة والمال والنسب لتعيينهم في العديد من المناصب خشية من منح الشباب الحرية في اختيار من يمثلهم.

انتهى.

تحديث بتاريخ 23 يناير 2016

مسقط ـ العُمانية: أصدر حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ مرسوماً سلطانيًا ساميًا فيما يلي نصه:

مرسوم سلطاني رقم (47/2015) بتعيين أعضاء مجلس الدولة.
نحن قابوس بن سعيد سلطان عمان .
بعد الاطلاع على النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 101/ 96، وعلى المرسوم السلطاني رقم 86/97 في شأن مجلس عمان، وبناء على ما تقتضيه المصلحة العامة.
رسمنا بما هو آت :
المادة الأولى: يعين الواردة أسماؤهم في القائمة المرفقة أعضاء في مجلس الدولة.
المادة الثانية : ينشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية ، ويعمل به من تاريخ صدوره.
صدر في: 24 من محرم سنة 1437 هـ الموافق: 7 من نوفمبر سنة 2015م.


لقد ضمت قائمة الأعضاء الجدد للعام 2015م (84) اسما بينهم (12) امرأة. وبناءً على اعتذار المكرم علوي بن أحمد بن علوي الحداد عن منصبه في عضوية مجلس الدولة، فقد تم على ضوء ذلك تعيين سعادة ناشئة الخروصية بديلا عنه؛ والتي كانت عضوة سابقة من الفترة الخامسة في المجلس، لكي تستمر في عضويتها لفترتين متتاليتين وهي من الأعوام (2011م - 2015م) و (2015م - 2019م) ، وبالتالي يرتفع العدد النهائي للعضوات النساء في المجلس إلى (13) امرأة.

كما تم إعادة تعيين كل من سعادة د.سعـاد بنت محمـد بن علي سليـمان اللواتية التي استمرت عضويتها في المجلس لثلاث فترات متتالية وهي الفترات الرابعة والخامسة والسادسة في الأعوام (2007م – 2011م) و (2011م - 2015م) و (2015م - 2019م). ولاحقا تم انتخابها لمنصب نائبة لرئيس المجلس لكي تصبح أول امرأة تحتل هكذا منصب في تاريخ المجلس.

وأيضا تم إعادة تعيين د.منى بنت عبدالله بن صالح البحرانية وكذلك استمرت عضويتها في المجلس لثلاث فترات متواصلة وهي الفترات الرابعة والخامسة والسادسة. أما بالنسبة لسعادة نــدى بنت حسن بن محمـد الجماليــة البحرانية وسعادة المهندسة رحمـة بنت حمد بن محمـــد المشرفيـة فقد استمرت عضويتاهما لفترتين متتاليتين وهما الفترتان الخامسة والسادسة (2011م - 2015م) و (2015م - 2019م).

وعينت سعادة لجينة بنت محسن بن حيدر درويش الزعابية في عضوية المجلس لأول مرة؛  وهي عضوة سابقة بمجلس الشورى ممثلة عن ولاية مسقط لفترتين متتاليتين وهما الفترتان الرابعة والخامسة (2001-2003)م و (2004-2007)م.

كما انضمت إلى قائمة عضوية المجلس لأول مرة كل من د. وفاء بنت سالم بن علي الحراصية و د. منى بنت أحمد بن علي السعدون و د. بدرية بنت إبراهيم بن خلفان الشحية و د. زهور بنت عبدالله بن سالم الخنجرية و د. عائشة بنت أحمد بن يوسف الوشاحية وصباح بنت محمد بن حمود البهلانية ومريم بنت عيسى بن محمد الزدجالية.


الروابط الخارجية للمصادر:
http://www.statecouncil.om/Kentico/Imported-Files/state_co.aspx?ext=.swf
http://www.shura.om/ar/formation_membersnew.asp?TermNo=1
http://www.statecouncil.om/kentico/default.aspx
http://www.mosd.gov.om/association.asp
http://www.alqabas.com.kw/node/402224

الخميس، 23 أكتوبر 2014

الشايب والخنجر





في بداية التسعينات كان مجمع الحارثي هو مركز المدينة ونقطة الالتقاء حيث تكتظ وجوه البشر في تلك البقعة من مسقط خصوصا في أجازة نهاية الاسبوع (الخميس والجمعة) للتسوق أو لأخذ الأطفال الى الطابق الأرضي للعب حيث يوجد هناك ركن مساحته صغيرة لألعاب الأطفال لكنه بنظر الأطفال كان بحجم مدينة ديزني للملاهي. كنت كعادتي أمشي بخطى سريعة نحو محلي المفضل بعدما وقفت قليلا عند محل للصور واللوحات الزيتية التي يصعب تجاهلها خصوصا وأن تلك اللوحات تكون معلقة بخارج المحل. ومررت على موظفة الاستقبال التي كانت ترحب بي دائما بوجهها البشوش وتوبخني ان لم أفعل، وفي كل مرة تراني فيها تردد بمسامعي بأنها تعرفني جيدا وتعرف عائلتي ، فأومأ برأسي لها مؤيدا وأتظاهر بأني قد تعرفت على عائلتها بعدما تبدأ بثرثرتها المعتادة وهي تذكر اسم أمها وأخواتها وعماتها وجداتها وزوجات اخوانها. ولو بقيت معها لفترة أطول لأساعدها في قتل وقتها الذي تقضيها هناك في ذلك الركن لساعات طويلة من خلال الثرثرة مع زوار المجمع ، فسوف تبلغني عن حصيلة الاسبوع عن أخبار مسقط، من تزوج ومن توفى ومن خسر أمواله ومن اغتنى. لكني أزعم دائما بأني في عجلة من أمري أو بأني لم أجد موقف لسيارتي في خارج المجمع المزدحم ويتطلب مني انهاء مهمتي سريعا لكي أخرج لأحرك سيارتي التي تقف في زاوية وضع بجانبها لوحة كتب عليها ممنوع الوقوف، ولاحقا أتعمد التوجه الى مخرج آخر لكي لا تكتشف كذبتي. وكنت أقترب من محلي المفضل المواجه لمدخل المجمع وهو محل لبيع بطاقات التهنئة حيث أستمتع بقضاء وقت طويل بداخله بتأمل مختلف البطاقات وقراءتها. وقد لازمتني هذه الهواية الممتعة في بريطانيا أثناء إقامتي هناك للدراسة، خصوصا عندما يكون الجو قارس البرودة ولا أجد مكان أذهب اليه سوى مركز المدينة حيث الدفء. وبدأت بقضاء أوقاتي في محلات البطاقات وشراءها، وعندما كثرت عددها ، ولم تكن رخيصة على الاطلاق، اقتنيت علبة زهرية من الورق المقوى وكنت أحتفظ فيها بمجموعتي من البطاقات التي كنت أنتقيها بعناية شديدة. وبطاقاتي تلك لم تكن معنية لشخص محدد أو لمناسبة ما، فقد كانت مكانها هناك في علبتي الملونة. وكنت كلما أشعر بالضجر أفتح علبة البطاقات وأتأمل محتواها بمتعة بالغة فكل بطاقة هي عبارة عن لوحة فنية ابتكرها مصصمها وكنت أقلب بيدي تلك اللوحة الفنية الصغيرة وأتأملها لساعات طويلة وأنا أستمع لأغنية أبو بكر سالم: 

يقول إنني فضلت
إنني فضلـت غيـره عليـه
وغيـره معـي يطلـع كمـا ايـه
انا مانظـر فـي النـاس الا اليـه
وقلبـي معـه وحـيـاة عينـيـه
وإن شــك أو كـثـرت ظنـونـه
فمـازال هـو سيـد المضانـيـن

وكم كان صوت أبو بكر سالم يشعرني بالغربة في شتاء يناير القارس والثلوج تكسو الأرض بخارج نافذة غرفتي. وكنت أقلب في بطاقاتي وأتبسّم على الفكاهية منها وكلما كانت مبتذلة تعلو ضحكتي من شدة كوميديتها. وبعضها تكون عاطفية وبعضها تدعو بالشفاء العاجل وبعضها تهنئ بالنجاح وبعضها تشتم حبيبها السابق أو طليقها وبعضها تحتوي على كلمات رقيقة لأمي أجمعها مسبقا لكي ارسل اليها قبل يوم عيد ميلادها بوقت كاف لكي تصلها في موعدها أو في عيد الأم أو عيد الاضحى. كما كنت أحتفظ بالبطاقات التي أتلقاها وأغلبها تصلني بمناسبة عيد ميلادي لكن المفضلة لدي تلك البطاقات لزميل دراسي أعرفه منذ فترة مراهقتنا وكان يدرس في منطقة أخرى وهو رسام ماهر وكنت أتلهف لوصول بطاقته في يوم عيد ميلادي فقد كان من عادته أن يشتري بطاقات خالية أحيانا تكون بيضاء وأحيانا ملونة ويقوم هو برسمها بتصميمه هو وبلمسته الخاصة هو وكل بطاقة تكون لوحة رقيقة مبتكرة منه وإهداء خاص لصاحب المناسبة ومن ثم يخط كلمات التهنئة بخط يده الأنيق تكاد لا تستطيع أن تفرق بينها وبين البطاقات الجاهزة التي تباع في المحل ، في الحقيقة تلك كانت أجمل بطاقات التهنئة التي تلقيتها في حياتي على الاطلاق. اذن بطاقاتي تلك هو كنزي الصغير وكل ما يحتوى في علبتي الصغيرة المصنوعة من الورق المقوى الملون.

كدت أصل الى باب محل البطاقات عندما قطع علي طريقي وشرودي شايب يرتدي دشداشة بيضاء ويربط رأسه ]المصّر[ العماني بشكل مهمل وكان يحمل في يده صندوق مخملي عنابي اللون وفتحه أمامي قائلا:

-         من فضلش يا بنتي تشتري مني هذا الخنجر أنا أبيعه بـ (30) ريال وقيمته أغلى من كذاك بكثير لكني محتاج شوي ومضطر أبيعه ..
-         ايش أسوي فيه يا الوالد أنا ما أحتاج له وبعدين توني بديت أشتغل يعني الحال من بعضه ..
-         من فضلش يا بنتي تراني أدُور في المجمع من ساعة ومحد باغنه وأنا محتاج ضروري ..
-         صدقني يا الوالد الحين ماعندي هذا المبلغ يعني لازم أسير أسحب من جهاز السحب وتو أنا واجد مستعجلة أكيد بتحصل حد يبغاه ويشتريه منك ..
-         من فضلش ساعديني يا بنتي ..
-         نزين شايف هذا المحل اللي قدامك أنا بدخل فيه الحين وانت حاول تبيع الخنجر ولما أخلص وحصلتك بعدك ما بعته عاد أمري لله بشتريه منك، أتفقنا ؟

بعد أربعون دقيقة خرجت من محل البطاقات ووجدت الشايب ينتظرني بالخارج وبيده الخنجر.