نقوشٌ على جدار واسعٍ

الجمعة، 12 فبراير 2016

في يوم الإعلان عن نتائج الإختبارات لطلبة الدبلوم العام للفصل الأول الجزء -4


ذكرياتي المدرسية بعد مضي ثلاثين عاما على الثانوية العامة
 الجزء (4-4)



 في هذا اليوم الجمعة الموافق 12 فبراير 2016م سيتم الإعلان عن نتائج الإختبارات لطلبة الدبلوم العام للفصل الأول. الساعة الآن الحادية عشر صباحا ويفصلنا خمس ساعات كاملة من الإنتظار لحين فتح المجال للطلبة للحصول على نتائجهم. في الحقيقة أن مشاعري اليوم لاتختلف كثيرا عن طلبة الدبلوم العام وأسرهم الممتزجة بالقلق والترقب وإحساسهم أن الوقت أصبح فجأة جامد لا يتحرك.



ليس هناك مجالا للشك أن التقنيات الحديثة  قد استوحذت كليا على الحياة العصرية ومن بينها الآليات المتبعة للإعلان عن النتائج. ويمكنني إيجاز أهم ميزة يتمتع بها الطالب اليوم من وراء الثورة التقنية الحديثة عند لحظة الإعلان عن النتائج وهي "الخصوصية" أو بالتحديد الستر مقارنة مع الذي كان يحدث معنا في السابق من تشهير علني عبر إعلان الأسماء في الإذاعة والصحف المحلية. لأنه مع النظام الجديد لا يمكن غير الطالب أو ولي أمره الإطلاع على نتائجه عبر إرسال رسالة نصية لرقم محدد مرفقة برقم جلوس الطالب الخاص به ومباشرة يستلم بسرية تامة نتائج الإختبارات. وكذلك بعد إدراج النتائج في بوابة التعليم وهو الموقع الإلكتروني الخاص بوزارة التربية والتعليم.



والأمر الآخر المختلف اليوم هو غياب أسماء الطلبة العشر الأوائل لمرحلة الثانوية العامة لقسميها العلمي والأدبي ويعود السبب لإختلاف المواد التي يدرسها كل طالب وآخر. وهي من ضمن المواد الفرعية الأربعة التي يختارها الطالب من بين العديد من الخيارات وبالتالي يصعب المقارنة في النسبة النهائية مابين الطلبة ماعدا لهؤلاء الذين اختاروا ذات المواد نفسها. 


**ملاحظة:
سأقوم بتكملة هذا المقال من بعد الإعلان عن النتائج في الساعة الرابعة عصرا بإذن الله.


الخميس، 11 فبراير 2016

ذكرياتي المدرسية بعد مضي ثلاثين عاما على الثانوية العامة الجزء -3



الجزء (4-3)

هناك أمورا كثيرة قد تحدث لنا وقد تباغتنا أحيانا على غفلة دون أن نتوقعها أو قبل أن نعمل لها أي حساب. وهذا بالضبط ما حدث لنا قبل ليلتان فقط من بدء الإختبارات النهائية. كنت ليلتها أخلد في سبات عميق وأفقت من نومي على أصوات مزعجة ؛  أوراق تتقلب هنا وهناك ودقات على الدولاب وضرب بالأدراج. وتسائلت ماالذي أيقظ حافظ في ذلك الوقت المتأخر من الليل من غير عادته بعدما أخلد للنوم على حسب البرنامج المخصص وهي الساعة الحادية عشرة ليلا! تأملت الساعة وجدتها قد تجاوزت الواحدة من بعد منتصف الليل. خشيت أن يكون السبب هو إصابته بنوبات من الأرق والقلق مع إقتراب موعد الإختبارات. قررت سحب نفسي من الفراش لمحاولة  طمأنته وإقناعه بالتوقف عن إصدار الضجيج والعودة للنوم لكي نخلد جميعنا للراحة. عندما توجهت نحو غرفته وجدته منهمكا في البحث وسألته عن سبب إستيقاظه من النوم في تلك الساعة المتأخرة من الليل أو الأحرى من الصباح. تأملني بقلق وبعدها سألني بعد تردد شديد:


- ماما هل بطاقتي الشخصية بحوزتكِ؟

- لا. هي موجودة معك، لماذا تسأل؟

- لقد طار النوم من عيني بعدما تذكرت بطاقتي الشخصية ونهضت للتأكد بوجودها في محفظتي لكنني لم أجدها هناك ....!

حينها طار النوم من عيني أنا كذلك وقلت بنبرة حادة:


- حافظ لابد أنك تمزح! نحن الآن في إجازة نهاية الأسبوع وفي صباح يوم الأحد ستبدأ الإختبارات، ماذا سنفعل إذا لم تجدها قبل ذلك وأنت مدرك تماما أنه يلزم للطالب بإحضار البطاقة الشخصية في قاعة الإختبارات؟؟!!

- لا بأس سأبحث عنها الآن وسوف أجدها هنا في مكان ما..


بحثنا عن البطاقة الشخصية لحافظ في كل زاوية من زوايا البيت، بين أكوام الأوراق المهملة، والكتب والدفاتر المتكدسة في غرفته دون جدوى. كما بحثنا في المجلس وبغرفتي إلى أن إنتابنا الإرهاق الشديد وكانت الساعة حينها قد اقتربت إلى الرابعة صباحا. قررنا التوجه للنوم على أن نباشر البحث عنها فور استيقاظنا. لكني لم أتمكن من النوم كثيرا واستقيظت في صباح يوم الجمعة باكرا ومجددا بدأنا في مهمة البحث عن البطاقة المفقودة وقمت بالنبش حتى داخل المكنسة الكهربائية للتأكد بأنها لم تشفط البطاقة بالخطأ لكن دون جدوى. بدأ القلق يساورني وبدأت أسترجع جميع الإحتمالات والحلول البديلة في رأسي في حال لم نجدها مثل أخذ نسخة ورقية من البطاقة رغم أن هذا الحل لم يريحني كثيرا خشية من رفضها ولكونها التجربة الأولى لنا وبالتالي لم نكن نعلم عن الإجراءات المتبعة للمخالفين ومدى شدتها.


في زماننا لم يكن يشترط على الطالب بإحضار البطاقة الشخصية إلى قاعة الإختبارات لأن البطاقات الشخصية لم تكن موجودة في ذلك الوقت بالأساس. كما أن جميع الطلبة كانوا يؤدون الإختبارات في مدارسهم التي يتعلمون فيها وبالتالي فإن هوّياتنا كانت معروفة لدى الأساتذة وطاقم الإدارة بالمدرسة. فقط كان هناك تبادل وتناوب للمراقبين في قاعات الإختبارات من مدارس أخرى أو من وزارة التربية والتعليم. 


بدأت أفقد أعصابي وذلك بعدما أنتابني إحساس باليأس في إيجاد البطاقة كما أن كل هذا الذي يحدث في الوقت القاتل قد تسبب بإحداث ربكة في البرنامج المخصص للمذاكرة. بدأت بتوبيخ  حافظ وقلت له:


- مستحيل أن تكون هذه البطاقة مفقودة هنا أمامنا دون أن نراها، بكل تأكيد قد قمت بتغيير مكانها ونسيت أين! ربما بإحدى جيوب ملابسك أو بإحدى الأدراج أو ...!

وهنا صرخ حافظ قائلا:

- الدرج آآه لحظة لحظة لقد تذكرت شيئا!

فتح درج ملابسه العلوي ونبش فيه قليلا وللحظة توقف قلبي لكنه أخرج يده فارغا ولم يجد هناك ماكان يبحث عنه. ثم قام بسحب الدرج الثاني وأدخل يده بين جنباته ومن ثم أخرج يده ببطء شديد وفجأة بدأ يلوح بيده عاليا وهو يصرخ مثل العالِم أرخيمدس وكانت بطاقته الشخصية في يده قائلا :

- وجدتها وجدتها

صرخت معه وبدأنا نقفز معا فرحين كالأطفال لحظة هطول الأمطار في مسقط. واعتراني مشاعر ممتزجة، أحيانا كنت أتنفس الصعداء وأشكر الله وأحيانا أخرى أشعر بالغضب بسبب إهماله وحرقة الأعصاب التي تسببها لي طوال ليلة كاملة وأصبحت أركله بقدمي. وبعد هذه النهاية السعيدة مضى بقية اليوم واليوم الذي يليه بسلام وعاد حافظ بإتباع جدوله الدراسي المعتاد.



ليلة الإختبار:

لقد عجزت عن النوم في ليلة الإختبار برغم إستعداد حافظ التام لليوم الأول لإمتحان التربية الإسلامية وإنتهاءه من مذاكرة كل المنهج المطلوب منه وبعدما قمنا سويا بمراجعتها. هجرني النوم وكأنني أنا من كانت ستمتحن في اليوم التالي أو كالعروس التي كانت تخشى من دنو ليلة دخلتها لكهل تحتقره. نهضت من فراشي بعد محاولات يائسة في النوم وقررت أن أطل على غرفة حافظ للإطمئنان عليه خشية أن يكون قد انتابه نفس أرقي. توجهت نحو غرفته ووجدته عكسي تماما يغط في سبات عميق فقد كان مرهقا بدنيا ونفسيا بسبب الجهد الكبير الذي بذله طوال الأسابيع الماضية في المذاكرة.



10 يناير 2016 / إختبار التربية الإسلامية:

استيقظت في الساعة الخامسة فجرا على حسب جدولنا في أيام المذاكرة والإختبارات وذلك لكي يحصل حافظ على ساعتين إضافيتين قبل موعد الإمتحان للمراجعة النهائية بينما نتوجه للنوم في الساعة الحادية عشرة ليلا. أعددت وجبة الإفطار ثم أيقظت حافظ من النوم. 


وصلنا إلى مدرسة نجية بنت عامر للبنات التي تقع في الحيل مقابل مشروع الموج وذلك في الساعة السابعة والربع صباحا. كانت حركة السير سلسة بسبب غلق المدارس الحكومية لقضاء إجازة نصف العام الدراسي ماعدا لطلبة الدبلوم العام. وهذه المدرسة الحكومية هي التي ستقام فيها إختبارات طلبة ثنائية اللغة االذين يتبعون منطقة الحيل. ومن محاسن الصدف أن تحمل هذه المدرسة نفس اسم مدرستي التي درست فيها مرحلتي الإبتدائية والإعدادية في منطقة الحمرية والتي نقل إسمها الى هنا كون أن المدرسة القديمة هي اليوم آيلة للسقوط. 


تبدأ الإختبارات في الساعة الثامنة صباحا وتستمر لمدة ثلاثة ساعات متواصلة ولقد تواجد خارج بوابة المدرسة عدد معقول من الطلبة الذين حضروا مبكرين وكان أغلبهم يحمل في يده كتاب لمادة التربية الإسلامية رغم أنهم كانوا منشغلين بتبادل فيما بينهم الأحاديث الجانبية على شكل مجموعات. 


قرر حافظ البقاء في سيارتي لكي يستمر في مراجعة آخر فصل متبقي لديه. وبدأ بالقراءة بصوت عالي بعض الدروس التي كانت عن مساويء الغش وثم قام بمراجعة أخيرة  بتلاوة الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث الشريفة  التي حفظها جميعها عن ظهر قلب. 


لمحت أب عماني ينزل من سيارته برفقة إبنته الذي احتواها بذراعه ويبدو أنها أرادت رفقة أبيها لكي يمررها من بين مجموعات من الطلبة الواقفين خارج بوابة المدرسة كون أن عدد الطالبات كان أقل بكثير من الأولاد. وقام الأب بمرافقتها وهي تبتسم في إطمئنان إلى داخل المدرسة ثم خرج بعد قليل وركب سيارته وغادر. 


دنى أحد زملاء حافظ إلى سيارتي وكنت أعرف أغلبيتهم لأنني ألتقي بهم بإستمرار خارج منزل المدرس الخصوصي وقام بإخراج ورقة مكتوبة فيها مجموعة من الأدعية كتبتها له أمه لكي يقرأها قبل دخوله للإمتحان لكنني حذرته بالتخلص منها من بعد قراءتها لكي لا يشك فيه بأنه ينوي الغش داخل قاعة الإختبار. 


قبل ربع ساعة من بدء الإمتحان سمعنا رنين جرس المدرسة وتوجه الجميع الى داخل المدرسة. ربت على كتف حافظ وطلبت منه بالتوكل على الله وبتلاوة سورة الناس وخرج من السيارة وبقيت مكاني أراقبه وهو يدخل المدرسة وكان من حين لآخر يلتفت نحوي وهو يلوح لي باسما وكأنه كان متيقنا بأنني سأبقى هناك لوهلة حتى يتوارى عن الأنظار. عدت الى البيت وحاولت الإسترخاء قليلا ومحاولة التجرد من القلق لكني لم أتوقف عن مراقبة الساعة في كل ربع ساعة! وفجأة بدت الثلاث ساعات طويلة ثقيلة وتمر ببطء شديد إلى أن قررت العودة الى المدرسة باكرا وأخذت معي التابلت لأجل قتل الوقت بالقراءة. وجدت عدد كبير من السيارات بالخارج بإنتظار خروج الطلبة الذين بدأوا بالظهور التدريجي قبل ربع ساعة من إنتهاء موعد الإختبار حيث يسمح لهم بالخروج. 


لمحت بعض زملاء حافظ وسألتهم عن رأيهم في الإختبار وأجابوا بأنه كان سهل. خرج حافظ وبدا على وجهه إبتسامة رضى وقال بأن الإمتحان كان سهل. لمحت نفس الأب الذي خرج من سيارته وتوجه نحو بوابة المدرسة ودخل المدرسة ثم ظهر بعد دقائق برفقة إبنته وهو يربت على كتفيها وهي تحكي له مبتسمة وركبا السيارة وغادرا وهذا المشهد تكرر طوال أيام الإختبارات. قطع سرحاني صوت حافظ وهو يقول:


- تعرفي ماما لقد فتشونا بجهاز مثل اللي موجود في المطار ..

لم أرد عليه وفجأة تذكر شيئا وفتح كتاب التربية الإسلامية الذي تركه في السيارة لكي يتأكد من الآية التي جاءت في الإختبار ثم علا صوته بكلمة: لاااااااا

فسألته:

- يا الهي ماذا حدث لك؟

- لقد شطبت على كلمة "فجميعنا" من الآية لأنني لم أكد متيقن بوجودها أم لا ياترى كم سأخسر من الدرجات؟!!

حسنا لقد أصبحت الكلمة المشطوبة "فجميعنا" موضوع ساخن للنقاش طوال ذلك اليوم لدرجة أنه اتصل بمعلمه لكي يستشيره ويعرف مصيره من وراء ذلك التشطيب.



11 يناير 2014/ إختبار اللغة العربية:

في إختبار كل مادة هناك أربعة عشر سؤال إختياري ولكل سؤال عليه درجتان ويتطلب من الطالب إختيار إجابته بالقلم الرصاص لأنه يتم التصحيح بالحاسب الآلي. إختبار اللغة العربية كان صعب للغاية ولقد اشتكى منه جميع الطلبة سواءا من المدارس الحكومية أو الخاصة لدرجة أنه تم تداول رسائل واتسابية تعبر عن تذمر الطلبة في ولاية صور وجاء نص الرسالة ]علما بأني قمت بتصحيح بعض الأخطاء الإملائية[:


بسم الله الرحمن الرحيم

أنا طالب من ولاية صور أتمنى توصيل رسالتي إلى من يهمه الأمر

الموضوع: إختبار اللغة العربية

أولا الإختبار كان وكأن بيننا وبينهم ثأر أسئلة لا تراعي  مستوى الطبقات العقلية الطلابية. يا وزارة التربية والتعليم نحن أبنائكم وليس من كوكب آخر حتى تضعون إختبار بهذا الأسلوب

الوقت جدا قصير

الأسئلة جدا صعبة

ان كان التقصد من هذا النوع من الأسئلة هو إقصاء أكبر عدد ممكن من الطلاب فليس فليس لنا ذنب من نزول أسعار النفط حتى يتم إقصائنا بأسلوب ركيك بارد حتى لا يأتي الطلاب بدرجات ممتازة.

صدقونا 

الروابط الخارجية:

إعلان نتائج إمتحانات الدبلوم العام للدور الأول 

 http://www.shorouqoman.com/2016/02/wfi.html