نقوشٌ على جدار واسعٍ

الاثنين، 20 يونيو 2016

الدروس الخصوصية، هل هي ضرورة أم رفاهية؟ (1-2)


مقدمة:

   ]كان التعليم في عمان محصورا في الكتاتيب وحلقات المساجد التي كانت تلقن القرآن الكريم و تعلم مبادئ الدين الإسلامي واللغة العربية والحساب[

 ] ونظرا لندرة انتشار التعليم النظامي قبل عام 1970 م فإن ما كان سائدا في تعليم الأطفال ، هو تعليمهم من قبل معلمي ومعلمات القرآن الكريم ، الذين كانوا يعلمون الأطفال تحت ظلال الأشجار أو في المجالس العامة التي تعرف (بالسبلة) أو في المساجد أو بيوت المعلمين والمعلمات أنفسهم ، وكان معظم الدارسين من صغار السن تتراوح أعمارهم ما بين السادسة والرابعة عشرة ، وكان الدارس الذي ينهي تلاوة القرآن الكريم بكامله يعرف ب (خاتم القرآن)[

المصدر: بوابة سلطنة عُمان التعليمية



إن ظاهرة الدروس الخصوصية ليست وليدة اللحظة بل ظهرت منذ أمد بعيد عندما كان تعليم الأطفال محصورا في الكتاتيب نظرا لعدم توفر المدارس النظامية آنذاك. ومن وجهة نظري، فإن كثير من معلمي الكتاتيب آنذاك؛ ومنذ ذلك الزمن الغابر، لم يكونوا سوى مدرسين خصوصيين. لأن غالبيتهم كانوا يطالبون بأجر ]ليس من الخالق[ نظير تلقين الأطفال القراءة وتلاوة القرآن الكريم، بل من أولياء أمور الأطفال. حتى ولو أعلن بعضهم بأنهم يعلمون تلاوة القرآن الكريم إبتغاءً وجه الله وطلبا نيل الأجر والثواب من الباري. لكنهم على أرض الواقع كانوا يتمتعون بكثير من الإمتيازات والمكاسب الدنيوية مثل الوجاهة ومنحهم مكانة إجتماعية خاصة ، كأن يتبارك بهم الناس أحيانا. وفي أوقات كثيرة يلجأ الناس اليهم لتلقي العلاج بالقرآن وذلك لإيمانهم بمدى ورعهم وقربهم إلى الله. بينما كان بعضهم يتلقى العديد من العطايا والهدايا التي تصلهم من أهالي الأطفال، طلبة العلم، سواءا كانت على شكل ملابس أو أغذية أو كأن يخصص لهم في المناسبات كالأعراس والأعياد والعزاء نصيب الأسد من الذبائح أو من محاصيلهم الزراعية؛ وكلٌ على حسب إستطاعته. 


أما اليوم فقد تطورت تلك الكتاتيب لتتحول إلى مدارس خاصة مسجلة ومعتمدة لتعليم الصغار والكبار تلاوة القرآن الكريم. ومنذ بداية العهد الجديد؛ وبعد توفر التعليم في المدارس الحكومية والخاصة في كل أرجاء السلطنة تفشت ظاهرة الدروس الخصوصية التي انتشرت في مجتمعنا بشكل تجاري، حالها كباقي الدول العربية الأخرى. في بداية السبعينات وحتى نهاية الثمانينات كان معظم المعلمين في المدارس الحكومية هم من الوافدين العرب. وبالتحديد كان غالبيتهم قادمون من مصر والسودان والأردن وفلسطين ولاحقا من تونس؛ حتى بدأ تطبيق نظام التعمين بحيث أصبح اليوم غالبية المعلمين في المدارس الحكومية من العُمانيين؛ بينما لم يتغير الوضع كثيرا في المدارس الخاصة التي لازالت تعتمد على المعلم الوافد ومن مختلف الجنسيات؛ خصوصاً مع البدء [منذ عدة سنوات] تطبيق نظام التعليم ثنائية اللغة. فأصبح هناك مدرسين عرب وأجانب الذين يعلمون بعض المواد باللغة الإنجليزية مثل الفيزياء والكيمياء والأحياء والرياضيات وإدارة الأعمال واللغة الإنجليزية الخ. وبالتالي من الطبيعي أن تجد في المدارس الخاصة معلمين من مختلف بقاع العالم مثل بريطانيا وجنوب أفريقيا والهند وباكستان وكندا وكينيا وغيرها .


وعلى حسب علمي فإن القانون العُماني يمنع تقديم الدروس الخصوصية؛ رغم أنه ومنذ فترة الثمانينات - أثناء فترة دراستي المدرسية - كان هناك مدرس خصوصي يأتي إلى منزلنا بينما يجتمع جميع طلبة العائلة لتلقي الدروس الخصوصة على دفعات. ولأني بعيدة عن أجواء المدارس الحكومية – نظرا لدراسة إبني في المدارس الخاصة – وبالتالي ليس لدي إلمام كبير عن ما يحدث هناك ورغم ذلك لم يصلني يوما أي خبر عن معلمين عُمانيين يقدمون دروسا خصوصية. 


أما بالنسبة للمدارس الخاصة فتجربتي المتواضعة مع إبني بدأت في الصف الثانية عشرة فقط وذلك عندما طلب الإنضمام مع زملاءه لفريق طلبة الدروس الخصوصية لمادتي الفيزياء والرياضيات عند معلمهم الذي كان يدرسهم المادتين لكنه انتقل إلى مدرسة أخرى. ونظرا لكونها السنة الحاسمة وفي المقابل كان المدرس البديل الجديد دون المستوى فلقد قرر إبني أخذ دروسا خصوصية. ومن جهتي لم أعترض بسبب ثقتي التام بتقييمه للوضع العام في مدرسته، خصوصا وأنه في السنوات الماضية كان متفوقا في دراسته دون طلب الاستعانة بمدرسين خصوصيين. 


وحول هذا الموضوع أرفق لكم تعليق مؤسِسة إحدى المدارس الخاصة:  

"للأسف الشديد في هذه الأيام أصبح التوظيف في المدارس الخاصة مثل التوظيف في شركات النفط والشركات الكبرى، بحيث أن كل جهة تسعى لسرقة موظفي الشركة الثانية، خصوصا المتميزين منهم. بحيث يتم المساومة مع هؤلاء الموظفين ومنحهم المزيد من الامتيازات ولو بنسبة قليلة لإغراءهم بالموافقة والعمل معهم. وهكذا وبدون سابق إنذار تخسر الموظف الكفؤ الذي تم تأهيله وتدريبه. وهذا ما يحدث اليوم تماما في سوق العمل سواء الخدمي أو غيره


إن ثقافة العمل للموظف الممتاز هو عدم إرتباطه مع اي مؤسسة يعمل فيها لفترة طويلة، بل التنقل بين هذه المؤسسات بحيث أصبح مبدأ الموظف المتميز هذه الأيام هو "الحرية" والتنقل السريع بين المؤسسات. لأنه مع كل انتقال يضيف خبرة في سيرته الذاتية وأيضا يضيف امتيازات في جيبه. اليوم أصبحت المؤسسات تطبق نظرية قنص الكفاءات أو الـ .[Head-hunting]وهذه العملية تستقصد الأشخاص بعينها للتوظيف بدلا من توظيف اي شخص جديد أو أن تتعب المؤسسة نفسها في البحث بين شركات التوظيف. نحن نطبقها في مدرستنا الخاصة مع مدارس أخرى والمدارس الأخرى تطبقها معنا وكل مدرسة تبحث عن افضل المدرسين عند المدارس الأخرى وتقدم لهم عروض تكون أفضل قليلا عن التي قدمت لهم في المدرسة التي يعمل فيها حاليا؛ بالضبط مثل شركات النفط وغيرها.  

وبهذه الطريقة لا تتحمل المدرسة تكاليف إحضار المدرس من الخارج و تهيئته إلخ. و يقولوا لك هذا هو سوق العمل وهذا هو التنافس والشاطر هو الذي  ينجح في الإحتفاظ بمدرسيه/ موظفيه لأطول فترة ممكنة.. مثلا في شركات النفط، تحاول بعض الجهات التقليل من ظاهرة 'سرقة' الموظفين بين الشركات مثل الشركة العُمانية للنفط (PDO) لأنه كل ما أنشئت شركة جديدة تجد نفسها عاجزة عن إيجاد موظفين عمانيين لديهم خبرة في مجال النفط وإدارة الموارد البشرية وبالتالي أحيانا تعرض الشركة الجديدة على الموظفين زيادة في الراتب تصل إلى 40%، بالإضافة إلى الإمتيازات الأخرى مثل علاوة تعليم أبناءهم في المدارس خاصة و منحهم سيارة خاصة وغيرها. وبلا أدنى شك سينتقل الموظف دون تردد خصوصا وأن شركة (PDO) ترحب بعودته في اي وقت كان. وهذا مايحدث تماما مع المعلمين الوافدين في المدارس الخاصة "



يُتبع ..



الروابط الخارجية:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق