نقوشٌ على جدار واسعٍ

الأربعاء، 23 نوفمبر 2022

فوتبول أم سوكر ؟





امريكا، الدولة التي تعتبر نفسها اقوى وأعظم دولة على وجه الأرض وانها من تقود العالم من الطبيعي أن لا تقبل إلا أن تصبح الأول والأفضل في جميع المجالات من ضمنها المجال الرياضي. مثلا نتابع التنافس بينها وبين الصين وروسيا و أوروپا  للحصول على أكبر عدد من الميداليات الذهبية خلال مسابقات الألعاب الأولمبية. 


لكن أمريكا كانت يواجهها عائق  وحيد في المجال الرياضي وهو عدم تسيدها للعبة الاكثر شعبية وانتشارا على كوكب الأرض، وهي لعبة كرة القدم. وذلك بسبب عدم معرفة واهتمام الامريكان بهذه اللعبة، وبالتالي لم تكن لديها قاعدة شعبية لديهم. 


لقد استنزفت كل جهود الامريكان نحو توجيه انظار العالم للعبة كرة السلة ومحاولة جعلها اللعبة الشعبية الاولى في العالم، وذلك من خلال الترويج لها عبر العديد من افلام هوليوود، مثلا اختيار النجم الأمريكي الأول للعبة كرة السلة مايكل جوردن لبطولة فيلم والت ديزني للأطفال مع فريقه. كما قام في التسعينات أشهر نجوم كرة السلة الأمريكية (NBA) بزيارة مجموعة من الدول العربية من ضمنها عُمان لإقامة مباريات استعراضية للعبة والترويج لها، لكن لكن كل تلك المساعي باءت بالفشل.


إن نقطة التحول، من وجهة نظري، كانت في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن. فقد حاز المونديال متابعة عالمية وشعبيه كبيرة وانتشار غير مسبوق، خصوصا مع ظهور القنوات الفضائية، ربما تجاوز شعبية الألعاب الاولمبية. لهذا كان غياب المنتخب الأمريكي وهيمنته على اللعبة أصبح أمرا غير مقبول. 


على غرار المثل الإنجليزي (If You Can’t Beat Them Join Them) أي إذا لم تتمكن من هزيمتهم انضم اليهم، عندها تغيرت الاستراتيجية الأمريكية وذلك بعد تقبلها للواقع المفروض عليها والاعتراف بفشلها في فرض لعبتها على المستوى الدولي، والعمل نحو تأسيس منتخب أمريكي للعبة كرة القدم، ومحاولة خلق قاعدة شعبية لها داخل أمريكا. 


من هنا انطلق الرئيس بوش الابن وبدا بالظهور أمام وسائل الاعلام وهو ممسك بكرة القدم والاعلان انه من عشاق هذه اللعبة. كما استقبل داخل البيت الأبيض بالفرق الأمريكية للعبة كرة القدم وكانت هناك مساع لابراز اللعبة في بعض أفلام هولييود.


لكن الإشكالية الحقيقية ظهرت عندما قرر الأمريكان تغيير اسم لعبة كرة القدم العالمية إلى سوكر (Soccer) وذلك بسبب وجود لعبة محلية أمريكية تحمل نفس هذا الإسم. ولو تأملنا إلى قواعد لعبة كرة القدم الأمريكية ستلاحظ أنه يتم ركل الكرة بالقدم في الضربة الأولى فقط عند انطلاق المباراة وأخيرا الركلة بالقدم عند محاولة تسجيل الهدف. بينما يستمر اللعب بتبادل الكرة بالأيدي أشبه بلعبة كرة اليد أو كرة السلة. أيضا ستجد شكل الكرة محدبة وليست دائرية. كما أنه يتطلب من ممارسي هذه اللعبة قوة بدنية عالية ويشترط ارتداء خوذات خاصة لحماية الرأس من الإصابة ولباس خاص لحماية الجسد لما لهذه اللعبة من عنف واحتكاك وتشابك بالأيدي. اليوم بعد مرور ثلاث عقود نجح الأمريكان من تأسيس منتخب قوي لكرة القدم وخلق شعبية لا بأس بها داخل البلد. ولأن أمريكا لا ترغب في تغيير اسم لعبتها المحلية اذن يجب على بقية العالم السمع والطاعة وتغيير اسم كرة القدم إلى سوكر! 


ما رأيكم هل توافقون على تغيير اسم لعبة كرة القدم إلى سوكر؟

السبت، 19 سبتمبر 2020

ترجمة لخبر عودة السلطان جمشيد إلى عُمان في قناة بي بي سي (سواحيلي)

 

 
ترجمة: حبيبة الهنائي

أعرض عليكم ترجمة للخبر الذي بث في القناة السواحلية للبي بي سي حول عودة السلطان جمشيد بن عبدالله إلى سلطنة عُمان بتاريخ 14 سبتمبر/ أيلول 2020 علماً أني سأقوم بنقل الذي قيل في الأخبار وليس عن رأيي الشخصي حول هذا الخبر. 

نُشر الخبر في الفقرة التي تحمل عنوان ”DIRA YA DUNIA“ أي ”رؤية على العالم“ ولقد قَرأت الخبر المذيعة زُهرة يونس، على النحو الآتي: ” السلطان جمشيد الذي سبق وأن حكم زنجبار في السنوات الماضية وصل إلى مسقط قادماً من انجلترا بعد موافقة على طلبه من الحكومة بالعودة إلى عُمان. السلطان جمشيد الذي يبلغ 91 عاماً ورث الحكم في زنجبار في أوائل الستينيات من أبيه السلطان عبدالله بن خليفة. لكن تم الانقلاب عليه أثناء فترة حكمه في العام 1964. ومنذ ذلك الوقت وهو يعيش في المنفى هنا في انجلترا.

باختصار دعونا نعرض نبذة مختصرة عن سيرة السلطان جمشيد:
١٩٦٣ : ورث السلطان جمشيد الحكم في زنجبار من والده السلطان عبدالله بن خليفة. لكن بعدها بعام واحد في عام ١٩٦٤وقع الانقلاب عليه في زنجبار. الجدير بالذكر أنه خلال ذلك الوقت كانت زنجبار واقعة تحت الحماية البريطانية. ومنذ ذلك الوقت أصبح يعيش في مدينة ”بورتسموث“. ومؤخرا في هذا العام (2020) وافقت الحكومة العُمانية على عودة السلطان جمشيد إلى مسقط عاصمة عُمان لكي يستقر في مملكة السلاطين وينضم إلى إخوته الذي عادوا منذ الثمانينيات. ولقد صرح أحد أفراد عائلته لصحيفة ”ذا ناشيونال“ قائلا: "إن طلب عودته إلى عُمان قد لاقى قبولا من جانب الحكومة، وذلك بسبب تقدمه في العمر، حيث تمنى كثيرا قضاء الفترة الأخيرة من حياته في وطن أجداده. وهو الآن سعيد كونه قد توفق في ذلك.“
للمزيد حول هذا الموضوع نستضيف من مدينة زنجبار البروفيسور عبدالشريف؛ محاضر متقاعد بجامعة دار السلام ..

المذيعة: مرحبا بك بروفيسور عبدالشريف: في البداية كيف استقبل الزنجباريون والعُمانيون، في حال أنك تحدثت معهم، خبر عودة السلطان جمشيد إلى عُمان؟


البروفيسور: في الحقيقة هناك وجهات نظر مختلفة لسؤال كهذا بالنسبة لزنجبار. ولهذا نحن بحاجة لمزيد من الوقت للتقييم. وباختصار نصف السكان فرحوا لهذا الخبر بينما هناك آخرون لم يهتموا له وهذا هو الوضع الحالي هنا.

المذيعة: برأيك لماذا استغرق الأمر مدة طويلة جداً للسماح للسلطان جمشيد للعودة إلى عُمان؟


البروفيسور: ربما ستكون الاجابة لهذا السؤال صعبة للغاية بالنسبة لي كوني أعيش هنا في زنجبار، و لا أملك أدنى فكرة عن فهم ما يحدث في عُمان. لكن أظن، على حسب نقاشي مع زملائي، أنه من المحتمل أن يكون بعد وقوع الانقلاب انتقل الكثير من الزنجباريين للعيش في عُمان. وكانت الحكومة العُمانية تبذل جهودا كبيرة لاستقبال هؤلاء الناس ومعاملتهم كمواطنين وإدماجهم في الوطن. وكان يتطلب عدم تشتيتهم بوجود حاكم فعلي لهم وهو السلطان قابوس وفي الجانب الآخر السلطان جمشيد الذي يعتبرونه أيضا سلطانهم. ربما كان هذا هو السبب.

المذيعة: بروفيسور.  إن السلطان جمشيد جاء من زنجبار كما أنه من مواليد زنجبار منذ أجداده، لماذا طلب العودة إلى عُمان وليس إلى زنجبار؟

البروفيسور: لكي أصدق القول، مثلما ذكرت سابقا، أنه منذ وقوع الانقلاب في زنجبار حدث انقسام حول هذا الأمر. لهذا لو قرر العودة إلى زنجبار في ذلك الوقت ربما كان سيتلقى ترحيبا من نصف السكان بينما سيعترض البعض الآخر. بالتالي الصورة العامة لن تكون جميلة بالنسبة له. لكن اليوم تغيرت مواقف الكثير من الناس. وأتذكر أن شقيق السيد جمشيد؛ السيد محمد سبق وأن زار زنجبار. لقد جاء للسياحة ثم غادر. كذلك صرح الرئيس سالمين عامر علناً أنه في حال رغب السيد جمشيد في زيارة زنجبار فهو مرحب به. لكن أعتقد أن السيد جمشيد رأى المحافظة على مكانته والبقاء في الخارج. في المقابل كونه زنجباريا، مثلي تماما، من المؤكد سينجذب لفكرة العودة لرؤية بلده.

المذيعة: برأيك بروفيسور كيف سيكون الحال لو عاد في هذا الوقت إلى زنجبار؟


البروفيسور: أرى أن الحال لم يتغير كثيراً. لكن بدأنا نتغير منذ عشر سنوات. الحدث الكبير الآن في زنجبار أن غالبية الشباب يطالبون بالوحدة الوطنية. هذا الانقسام بين حزبين تسبب في تعطيل تقدم وطننا، وأيضا توحيد الكلمة بين الناس. لهذا منذ عشر سنوات اتفق الرئيس أماني كارومي والمعلم سيف على أن يضم الدستور حكومة وحدة وطنية، مما ساهم في توحيد صفوف الزنجباريين،  ولاحقا تعطلت هذه الوحدة في منتصف الطريق. لكننا نطالب الآن بعودتها لكي نتحد جميعا تحت مظلة وطن واحد.

المذيعة: شكراً للبرفيسور عبدالشريف؛ محاضر متقاعد بجامعة دار السلام والمتواجد حالياً في زنجبار.


الرابط للخبر




 

الخميس، 19 يوليو 2018

افتخر بالوطن وليس باالأصل والفصل




استوقفني اليوم رد الكوميديان الجنوب افريقي تريفر نوح لرسالة السفير الفرنسي في امريكا معترضا وصفه للمنتخب الفرنسي الذي توج مؤخرا بطلا لكأس العالم "بالمنتخب الأفريقي" عبر برنامجه "The Daily Show" وأردت هنا عرض رأيي الذي وددت كتابته كثيرا في الماضي لكني تراجعت خشية أن يساء فهمه!

يبدو أن المستعمر الأوروبي وعلى رأسهم الفرنسي والبريطاني لا زال يمارس عنجهيته القديمة وهي تجريد المهاجر من هويته واصوله وثقافته كشرط أساسي لإثبات ولائه وإخلاصه لوطنه الجديد. ولهذا نجد سلطات الدول المُستعمرِة ، ولنستخدم هنا مصطلحا أقل حدة [سلطات المحميات] "ومن ضمنها سلطنة عُمان" تمارس نفس هذه العنجهية وبشراسة ملموسة؛ وهي تجريد مواطنيها من أصولهم وثقافتهم كشرط أساسي للإعتراف بهم كمواطنين صالحين ومخلصين لبلدهم؛ بل ويُتوقع منهم إنكار موطنهم الأصلي وإعتباره عار وإهانة عند ربطهم به!

برغم وجود أقليات وإثنيات متنوعة بين المجتمع العماني؛ ومع ذلك هناك توجه عنصري يطال كل من يتفاخر بأصوله أو بإختلاط الدم مع دول أخرى [ماعدا الدم الاوروبي طبعا] مثل كثير من الزنجباريين. مما ساهم إلى بروز ظاهرة سلبية وهي إنكار كثير من الزنجباريين اي علاقة تربطهم بزنجبار او إنتماءهم لها او لاي دولة من دول الشرق أفريقية التي كانت ترضخ تحت الحكم العماني لعقود طويلة. 

ومثال آخر هو محاولة بعض قبائل البلوش واللواتيا النبش في التاريخ لإيجاد اي خيط يمكن إثبات اصولهم العربية والعُمانية! رغم اني لا أرى أن ذلك سوف يضيف أو يقلل شيئا من عمانيتهم! 

اليوم نعتبر من يعلن عن أصوله الزنجبارية شجاعة وبطولة لأنه استطاع مقاومة النظرة الدونية والعنصرية التي ستمارس ضده. بينما لا يفترض تجريد الناس من أصولهم تحت ذريعة الإندماج، بل يجب أن يمنح الجميع كامل الحرية أن يفتخر بوطنه الحالي وايضا باصوله "فيما رغب بذلك" دون التقليل من وطنيته وخشية من معاملته بإزدراء وبنظرة دونية.

وللحديث بقية ..

الروابط الخارجية: 

رد تريفر نوح للسفير الفرنسي:


السبت، 11 مارس 2017

إصابتي بداء الرهاب (الفوبيا) من الأماكن المغلقة



من الصعب على إمرأة مثلي التي كانت يُردّد على مسامعها منذ نعومة أظافرها جملة [ أنتِ شجاعة .. أنتِ شجاعة] حتى أصبحت حافزا لها لمجابهة قساوة هذه الحياة ورفع شعار التحدي أن تعترف يوما ما وتتقبل فكرة إصابتها بداء الرهاب أو الفوبيا من الأماكن المغلقة.

تعود القصة إلى تاريخ 31 مايو 2012، وهو اليوم الذي وقع فيه حادثة غير متوقعة، وهي إعتقالي مع إثنين من زملائي من النشطاء الحقوقيين، وذلك في منطقة إمتياز النفطية الواقعة بصحراء فهود؛ أثناء تغطيتنا لإضراب عمال النفط من العُمانيين العاملين هناك، الذين زاد عددهم عن أربعة آلاف عامل. وكانوا يطالبون بحقوقهم المهضومة، مثل زيادة الرواتب والعلاوات وتحسين ظروفهم المعيشية مساوية بإمتيازات العمال الوافدين. في ذلك اليوم المشؤوم تم إعتقالنا وثم إقتيادنا إلى مركز شرطة فهود. وبعد ساعات طويلة من الإنتظار تم نقلنا إلى مسقط داخل سيارة مصفحة بينما كانت أيدينا مكبلا بالأصفاد. وكما يبدو أن السائق قد تلقى الأوامر بعدم تشغيل التكييف داخل العربة المصفحة، أثناء رحلة نقلنا المهينة من صحراء فهود إلى مسقط؛ التي استغرقت أكثر من خمسة ساعات كاملة. وذلك خلال موسم الصيف الحارق لشهر يونيو. حيث درجة الحرارة قد تصل إلى خمسين درجة مئوية وتزيد. كما كان السائق يتعمد الوقوف عمدا في كل مركز للشرطة نمر منه في طريقنا وذلك لتأخير موعد وصولنا ومضاعفة معاناتنا.

يتعرض جسد المرأة بشكل طبيعي مع التقدم في السن من إضطرابات هرمونية؛ ونتيجة لذلك نعاني بشكل عام من سخونة في الجسم، والإحساس بالحرارة أكثر من الآخرين. بالتالي عندما أعتقلت كنت في الـ 46 من العمر؛ إضافة إلى ذلك كنت ولا أزال أعاني من اضطراب هرموني في الغدة الدرقية؛ مما يؤدي إلى مضاعفة تلك الأعراض. ولهذا بدأت أشعر بالضيق في التنفس مع زيادة ضربات القلب. لقد تملكتني رغبة جامحة إلى فك حمالة الصدر بسبب شعوري بالإختناق والصعوبة في التنفس نتيجة لحرارة الجو القاسي لكن دون جدوى. فالأصفاد التي كانت تكبل يداي أعاقتني عن الحركة. كما تجاهلت الشرطية المرافقة لجميع توسلاتي عندما حاولت إقناعها بإزالة ساعة اليد التي كانت في معصمي؛ حيث كانت الأصفاد تضغط عليها بشدة وتسبب لي آلاما مضاعفة. حينها بدأ الإحساس بالعجز يسري في دمائي، الذي بدأ بالظهور منذ لحظة إعتقالي، ولم يسمح لي فيها الإتصال بإبني، الذي يبلغ الثالثة عشرة من عمره، رغم توسلاتي، كوني تركته وحيدا في البيت، وعندها فصلت عن العالم.

السيارات المصفحة، القيد، الموسيقى العالية، غرف التحقيق، الحبس، الأصوات التي تخرج من الجدران، الهزات، الطلقات النارية، الإضاءة الشديدة، لا أنام. لقد كانت أيام معدودة، لكنها كانت كفيلة بإيقاع الضرر النفسي. إضافة مع عدم السماح لي الإتصال بإبني، وحيدي، ومجددا فصلت عن العالم.

لقد أفرج عني، بعد أربعة أيام فقط. أكرر [فقط] لأن تلك الأيام لا تساوي شيئا أمام ما حدث بعد ذلك للبقية!

لكن التهديدات لم تتوقف، كذلك التحقيقات، والتوقيع على التعهدات التي أختتمت في العام 2016م بالمحاكمة التي جاءت في التوقيت القاتل أو مثلما يقولون كانت ضربة معلم. لأنهم يدركون تماما أن نقطة ضعفي الوحيدة التي بإمكانهم التلاعب فيها بأعصابي من أجله هو إبني الوحيد ومستقبله. لقد كان رجائي الوحيد لهم أن يتركوني وشأني خلال هذا العام؛ حتى ينهي إبني من دراسته في مرحلة الدبلوم العام. فهو كل ما أملك ، وأنه إستثماري الوحيد. لكن الشيطان قرر تنفيذ عقابه خلال تلك الفترة بالتحديد وإلا كيف سيكون عقابا؟! لقد فرضت علي الظروف القاسية كتمان خبر تعرضي للمحاكمة عن إبني وعن الرأي العام لكي لا يصله الخبر ويشغله عن دراسته. لقد كانت صفعتي المرتدة لهم عندما حصل إبني على نتيجة مشرفة في الإختبارات النهائية للدبلوم العام [95.5%]. الآن لتذهبوا جميعا إلى الجحيم سأترك لكم البلد ولن أغفر لكم ماحييت. وأدعو الواحد الأحد أن يرتد كل أذى تسببتم لي ولغيري لكم ولأبناءكم.

منذ العام 2012م بدأت أعراض الرهاب تطفو لكن بشكل تدريجي. القلق المبالغ فيه قبل ركوب الطائرة، كلما علقت في مكان مكتظ بالبشر وعجزت فيه عن الحركة بحرية، داخل دورات المياه. لكن وجودي في ألمانيا جعلتني أكتشف أماكن أخرى، قطارات الأنفاق ودور السينما والمسارح لكن أصعبها المصعد الكهربائي. حينها أصاب بحالة الـ [Panic Attack] أو حالة من التوتر الشديد والتعرق وتسارع في ضربات القلب والشعور بالضيق والإختناق. أنه الشعور بالعجز وفقدان القدرة في التحكم بالمكان. لقد تجاهلت وسخرت مما أعاني منه كثيرا. لكنه كبر مثل الكرة الثلجية؛ وأصبح يشل حركتي ويتحكم في حياتي وكيفية إتخاذ قراراتي في التنقل والسفر وأسلوب الحياة. لم أعد أستطيع البقاء طويلا في قطار الأنفاق قبل أن أضطر بقطع الرحلة والخروج منه لأتنفس الصعداء وأستنشق بعض الهواء. وبالتالي أضطر الخروج باكرا لكي لا أتأخر عن إرتباطاتي. كما أصبحت أتجنب الحجز في رحلات الطيران الطويلة المباشرة وأنتقي الرحلات القصيرة المقطوعة للتقليل من فترة بقائي في الطائرة رغم كون هذا الخيار مرهق جدا. كما أصبحت لا أوصد أبواب دورات المياه سواء في المنزل أو الأماكن العامة مثل القطارات و الطائرات و المطاعم والمراكز التجارية الخ. كثيرا ما يضطر إبني أن يقف خارجها لكي يراقب الباب في حال مرافقتي له.

يصعب على إمرأة مثلي الإعتراف عن إصابتها بهذا النوع من الضعف أو أن تتقبله. لأننا عندما نتحدث عن تعرض أجسادنا للتعذيب غالبا نبرهن ذلك بإظهار آثار الكدمات والندوب وجعلها ظاهرة للعيان. بينما هناك نوعا آخر من التعذيب لكنه غير ملموس وغير مرئي. هدفه الفتك بالروح وخنقها من الحنايا لكي تموت موتا بطيئا تماما كالمرض الخبيث.
حبيبة الهنائي
برلين 11 مارس 2017