نقوشٌ على جدار واسعٍ

السبت، 30 مايو 2015

من المسيء إلينا ؟!



عندما طرحت في شهر أكتوبر من العام 2013 على الرأي العام ظاهرة ختان الإناث في عُمان وسلبياتها من خلال دراسة متواضعة أجريتها بجهود ذاتية، انهالت علي سيل من الشتائم والاهانات والسخرية والشماتة والتعرض لشخصي ولسمعتي والتطاول على أسرتي واتهامي بالجهل في الدين والتكفير. وبرغم أنني كنت متهيئة تماما ومدركة جدا للتبعات التي كانت ستلحق بي لتجرئي بطرح قضية من القضايا المسكوت عنها للرأي العام من خلال عرض معلومات وبيانات صادمة في مجتمع منغلق ومحافظ ولا يريد سوى العيش بما يملي عليه العرف والعادات والتقاليد، ﻻنه في نظره هذا هو الخيار المريح له حتى وإن أجبرته في أحيان كثيرة الى تعطيل العقل. رغم ذلك تفاجأت بردة فعل المجتمع تلك، وأدركت بأن محاولة النبش في التابوهات الخاصة بالمجتمع تكون ردة ذلك الفعل جسيمة وهي رجمك بشتى أنواع السبل لإخراسك عن الكلام. وأيضا لكي تكون عبرة لغيرك لردعهم عن القيام بفعل مشابه وفعليا هذا ما حدث. 

ولهذا نلمس اليوم هذا الصمت القاتم ، هذا الصمت المؤذي بحيث تسقط كل يوم ضحايا جدد من بين المواليد الرضع الإناث دون أن تلقى أية ردة فعل من الحكومة التي اكتفت بمنع اجراء عمليات ختان الإناث في المستشفيات الحكومية الذي جاء هذا القرار بضغط من المجتمع الدولي تحت بند حقوق الطفل. بينما لم تحرك الحكومة ساكنا بتنفيذ برامج للتوعية سواء من خلال دائرة الثقيف الصحي بوزراة الصحة أو من خلال جمعيات المرأة المنتشرة في جميع محافظات وولايات السلطنة أو من قِبل علماء الدين الذين من المفترض أن يكون لهم الدور الأكبر في توضيح مضار هذه الممارسة في المجتمع أو من خلال إجراء البحوث والدراسات في جامعاتنا المحلية أو عمل احصائيات شاملة من طرف مركز الاحصاء العُماني. 

إذن مع هذا الصمت الساكن الذي أراح السلطة كثيرا وأبعدها عن أصابع الاتهام الدولية مع انكارها المستمر بوجود هذه الممارسة وتأكيدها بأنها عادة قديمة كانت تمارس أيام الأمية ولا تمارس الآن الا قليلا وأنها في طريقها للزوال! كان لابد أن يأتي هذا اليوم لكي نتعرى فيه أمام المجتمع الدولي، علما بأنه وصلني خبر احتجاز المواطنتين العمانيتين في المملكة المتحدة من نشطاء دوليين قبل تداوله محليا . اذن فمن الذي يسيء لسمعة السلطنة هنا؟ هل بامكانكم إدراك مدى احراجنا عندما نرى نساء بمستوى تعليمي عال ويدرسن في درجة الماجستير في اوروبا يذهبن وهن بكامل قواهن العقلية وبإرادتهن لتسليم بناتهن للمستشفى لأجل ختانهن! أليس هذا أكبر دليل بجهلهن بقوانين ذلك البلد وعدم إدراكهن بأن عقوبة فعلتهن تلك قد تصل الى 14 سنة سجن مع تجريدهن من حقهن في حضانة بناتهن؟! أليس هذا أكبر دليل بأنهن يمارسن هذه العادة بأريحية تامة في بلدهن دون إدراك بمضاره أو مساوئه؟! ألم نقدم اليوم للمجتمع الدولي دليلا ماديا وعلى طبق من الذهب بأن هذه الممارسة لا تزال منتشرة في عُمان وأنه لا توجد لدينا أي حراك سواء على المستوى الرسمي أو من المجتمع المدني للحد منه لأن هؤلاء النسوة لا يملكن ورقة للدفاع عن تصرفهن الغريب ذاك سوى الاعتراف بالجهل في القانون والتأكيد بأن هذه الممارسة لاتزال منتشرة في بلدهن! ولهذا سارعت السفارة العُمانية في لندن بتوكيل محامين للدفاع عنهن لمحاولة المحافظة على ما تبقى من ماء الوجه !

آمل ان نكون قد تعلمنا الدرس جيدا وأن ندرك تماما بأن اخراس الأصوات المطالبة بالتغيير داخليا لن تجلب لنا سوى الجهل والإحراج الدولي.


الروابط الخارجية:
خبر احتجاز العمانيتين في جريدة الجولف نيوز

دراسة حول ظاهرة ختان الإناث في سلطنة عُمان

ترجمة دراسة حول ظاهرة ختان الإناث في سلطنة عُمان للإنجليزية

زيارة ميدانية : الكل يعلم عن الموضوع، الكل يخاف أن يعمل عليه !

المدونة العُمانية سوسن الشحري تناقش ظاهرة ختان الإناث في ظفار
http://www.alfalq.com/?p=6568

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق