نقوشٌ على جدار واسعٍ

الخميس، 4 يونيو 2015

مكتبات وكتب في مراكزنا الصحية



كنت في عجلة من أمري عندما خرجت من البيت متجهة الى عيادة القوات المسلحة في منطقة الرسيل عندما تذكرت كتابي الذي نسيته على الطاولة وبدأت اتحسر طوال الطريق كيف سأقضي فترة الانتظار هناك وقد كانت فرصة ذهبية لإنهاء فصول عديدة من ذلك الكتاب الذي لا أجد وقتا لقرائته. 

فور وصولي الى المركز البهيج بمبناه الفخم أخذت دوري في طابور الانتظار ثم توجهت الى موظفة الاستقبال لاستفسار فيما لو كان هناك ركن للكتب أو مكتبة بداخل المركز؛ حتى ولو احتوى على نشرات صحية مثل التي ألمحها أحيانا في بعض المراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة، لكي أقتل بها الوقت في قراءتها. فأجابتني الموظفة ضاحكة: بعدنا ما تطورنا لكي نصل الى مستوى تخصيص مكتبة. وأكملت: اذا كان ذلك الركن هناك لبيع الوجبات الخفيفة قد حصلنا على الموافقة منذ فترة وجيزة فقط؛ لهذا لا أظن بأن فكرة المكتبة ستحصل على الموافقة خلال الفترة القريبة القادمة .. ثم فتحت درج مكتبها ومدت بيدها وأعطتني كتيب صغير جدا وقالت:سأعيرك كتيب الأدعية هذا اقرئيها حتى يأتي دورك لزيارة الطبيب. توجهت الى ركن الوجبات الخفيفة وسألته فيما لو كان يبيع جريدة فأجابني بالنفي لكنه أكد لي بأنه يبيع بطاقات إعادة الشحن للهاتف! توجهت نحو صالة الانتظار للنساء وفردت قدمي فوق مقعد الانتظار الخشبي ورفعت رأسي أتأمل شاشة التلفزيون التي تعرض قناة عُمان مسلسل بدوي صامت. وحاولت قراءة الشفاه لأبطال المسلسل، فليس هناك أسوأ من لحظة الانتظار لمعرفة نتيجة فحص ما بدون أن تجد ما يرفه عنك .

لقد تابعنا خلال السنوات القليلة الماضية حراك ثقافي تطوعي جميل مثل مبادرة "كلمتين رآس" التي قام مؤسسيها بتوزيع الكتب في المقاهي المنتشرة في مسقط وهي بادرة رائعة تشكر القائمين عليها. لكن لو تمعنا في نوع الشريحة من مرتادي المقاهي الباهضة الثمن المنتشرة في جميع أنحاء مسقط، فسوف نجد بأن غالبيتهم هم من النخبة المثقفة أو من طلبة الجامعات لأجل إعداد بحوثهم الدراسية أو من رجال الأعمال لمناقشة تجارتهم ومشاريعهم أو من الأجانب أو من الأسر المقتدرة. وبالتالي فمثل هؤلاء ليسوا بحاجة الى توعية بأهمية القراءة، بينما من المفترض أن تكون الفئة المستهدفة هم من مراجعي المراكز الصحية الحكومية والعسكرية التي يرتادها الطبقة الكادحة والفقيرة من المواطنين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف العيادات والمستشفيات الخاصة فما بالك بشراء كتاب! وجل ما يقلق يومهم هو توفير لقمة العيش وبالتالي فإن هذه الفئة هي التي بأمس الحاجة لمثل هذه المبادرات القرائية واستغلال فترة الانتظار لأجل تشجيعهم على القراءة والتوعية.

بإمكان اطلاق هذه المبادرة بفكرة بسيطة وهو تخصيص في كل مركز صحي مكتبة ذات أرفف خالية ويوضع عليها إعلان بسيط مثلا "تبرع بكتاب لأجل تدوير المعلومة" أو "اترك كتابا في المشفى" "Book Hospital" .  وبإمكان سكان تلك المنطقة التبرع بالكتب التي لا يحتاجونها أو يرغبون بمشاركتها مع الآخرين. وأيضا مخاطبة المكتبات والجهات الخاصة والرسمية التي توفر الكتب لضمها في أرفف المكتبة. أما في المستشفيات المركزية فأتمنى أن يتم تخصيص مساحة كافية لمكتبة حقيقية وصالة الانترنت بسبب وجود مرضى من المراجعين والمرقدين والزوار،  وبإمكان تخصيص هذه المساحة بتنظيم أنشطة توعوية عديدة مثلا تحديد ساعات محددة لزيارة المثقفين الصحيين لأجل مقابلة المراجعين وتوجيههم والرد على استفساراتهم العامة عن الأمراض والتغذية وكيفية رعاية المرضى وبالإمكان التعاون مع الجمعيات المعنية مثل جمعية السرطان والمعوقين والتوحد وأصدقاء المسنين الخ لأجل الحضور والمشاركة. وأتمنى أن أسمع يوما قصة مثلما حكاه لي أخي عندما كان يدرس في بريطانيا أن ابنته الصغيرة بعدما انتهت من علاجها في المستشفى هناك عادت الى البيت وهي باكية وظلت تبكي يوميا وتطالب بإعادتها الى المستشفى لإعتقادها بأن المستشفى هو مكان مخصص للعب والمرح والفرح للأطفال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق