نقوشٌ على جدار واسعٍ

الاثنين، 13 يناير 2014

حرائر الربيع (4): عبير الحداد



في هذه النسخة الرابعة من سلسلة حرائر الربيع سيكون لقاءنا مع المدافعة عن حقون الإنسان المحامية عبير الحداد والتي التقيت بها في القاهرة على هامش ورشة العمل التي نظمتها الأمم المتحدة حول رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان وذلك في شهر ديسمبر من عام 2013 م . وفي الحقيقة لن نتفاجأ عندما نحاط بهالة من الثقة عند تعاملنا مع كل من يمارس مهنة المحاماة وأن نجدهم متحدثين جيدين ويتميزون بنبرة قوية وجادة فما بالكم بمحامية كـ عبير الحداد التي لها صولات وجولات بين قاعات المحاكم، لكن عند اقترابنا من هذه الشخصية الاستثنائية التي يؤرقها هاجس كبير وهو القضاء على الظلم وتحقيق العدالة الإنسانية بين أبناء جلدتها سوف نلمس روحها الحرة وانطلاقها نحو الحياة بقدر اتساع أحلامها الكبيرة التي تسعى لتحقيقها والنابع من عشقها  اللامحدود لبلدها الكويت.

بطاقتك الشخصية ؟
عبير الحداد، محامية من الكويت، أم لولدين، حارس قضائي، ورئيسة لجنة البدون في الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان .

وماهي مهمة الحارس القضائي ؟
مهمة الحارس القضائي هي حراسة المال لحين انتهاء النزاع، وعملي هو القيام بالحراسة على الشركات التي يتم اشهار أو اعلان افلاسها أو يكون فيها مشاكل بين الشركاء وكذلك فيما يخص النزاع حول التركة بالنسبة للورثة .

متى كانت بداية عملك في المجال الحقوقي ؟
كانت بدايتي قبل خمس سنوات تقريبا وحينها كنت مهتمة بقضايا حقوق المرأة.

وما الذي شدك للعمل في قضايا المرأة ؟
 الذي شدني هو قناعاتي بأن الوطن العربي مهما تقدم في هذا الجانب، ومهما ادعى بأنه يعطي للمرأة حقوقها فإن تلك الحقوق هي لمجرد وضع المرأة في المراكز السياسية أو بالوظائف العُليا لا أكثر، ولذا قررت أن أكون فاعلة وانشط في مجال حقوق المرأة .

وكيف فعلتِ ذلك؟
بدأت بحضور الندوات وورش العمل المهتمة بالقضايا الحقوقية والمتعلقة بمناهضة العنف ضد المرأة وتدريجيا بدأت بالتعمق في القضايا الإنسانية.

مثل ماذا ؟
 عندما رأيت بأن القضية الأكثر تأثيرا والأقدم في تاريخ الكويت هي قضية البدون كونها تمس الكثير من الكويتيات المتزوجات من فئة البدون بدأت في التعمق في القضية، فهم وأبناءهم يعانون باعتبارهم عديمي الجنسية أو مقيمين بصورة غير قانونية. وبصفتي محامية أو حقوقية أعتبر هذه المعاملة نوع من أنواع التمييز العنصري بين الرجل والمرأة .

ماذا تقصدينِ بالتمييز العنصري ؟
الذي أقصده هو أن الرجل بمجرد أن يتزوج من أجنبية فأنه يستطيع أن يقدم لزوجته الأجنبية إعلان رغبة مما يمكنه من تجنيسها وهذا الحق الذي منحه القانون للرجل الكويتي سلبه من المرأة التي لا يحق لها أن تجنس زوجها أو تجنس أولادها.
ومن هذا المنطلق لمست أن هناك تمييز وعنصرية بين الرجل والمرأة وبالتالي تبنيت قضية البدون .

ومن هم  البدون؟
البدون هم مجموعة من الأشخاص غير محددي الجنسية الذين كانوا يعيشون في البادية، ولأن الكويت هي بلد الهجرات فليس لدينا من البدون من هو كويتي أبا عن جد.
وعندما صدر قانون الجنسية في عام 1959م وبسبب بُعد هذه الفئة عن المدينة وقلة وسائل التواصل الاجتماعي فأن مجموعة منهم لم يسمعوا شيئا عن هذا القانون. كذلك وبسبب قصر الفترة الزمنية التي تم منحها للأشخاص لتسجيل أنفسهم في كشوفات الجنسية الكويتية، لم يتمكن البعض من التسجيل في حينه.
أيضا ولجهل البعض منهم بتفاصيل القانون والأمور المستقبلية بحيث ستكون الجنسية ذات أهمية قصوى في تحديد الانتماء وهوية الشخص للوطن، لم يأخذ موضوع الجنسية على محمل الجد.
وبعد أن تطورت الكويت وطغت الحياة المدنية ونزحوا هؤلاء الأشخاص الى داخل المدينة هنا بدأت تظهر عندنا مشكلة البدون، حيث أصبح هذا الشخص لا يملك أوراق ثبوتية أو إحصاء ولا يحمل الجنسية الكويتية أصلا.

وهل هناك إحصائيات معلنة عن عدد البدون في الكويت ؟
بالنسبة للإحصائيات فهي تشير أن عدد البدون هو (120) ألف نسمة وحسب تقرير الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية (وهو الاسم الذي تم اطلاقه مؤخرا على فئة البدون) يوجد (34) ألف من البدون مستحق للجنسية الكويتية و (67) ألف منهم مزورين ويحملون جنسيات دول أخرى أخفوها متعمدين للتمتع بالمزايا الوهمية التي أقنعت الحكومة نفسها بأنها منحتها للبدون.

وهل نجحتِ في كسب مناصرين لهذه القضية ؟
نعم والحمد لله.
لكن لابد ، بل ومن الطبيعي ان تجد في كل قضية هناك مؤيدين ومعارضين لها وبسبب تمسكنا بالقضية وبوجود الإصرار والقناعة والإيمان بالقضية تمكّنا من تحويل المعارضين لنا الى أقرب المؤيدين وبالتالي نجحنا في كسب المزيد من المؤيدين .

وهل تعرضتِ لمضايقات شخصية بسبب تبنيكِ لهذه القضية ؟
هناك كثيرون ممن كانوا يؤمنون بأن عبير الحداد تشوه وتسئ لسمعة الكويت في المحافل الدولية ولكن بعد أن جلست مع مثل هؤلاء وتناقشت معهم تمكنت من إقناعهم بأنه ليست عبير الحداد التي تقول كلمة الحق وتطالب بحقوق الإنسان هي من تشوه سمعة الكويت، إنما طمس الحقائق وتزييفها وظلم فئة كبيرة وهي فئة البدون في أرض الكويت الطيبة وأرض الإسلام هذا هو الذي يعتبر تشويه لسمعة الكويت. والحمد لله نجحت في كسب حجم جماهيري كبير وهم يقفون معي ويؤيدونني.
كما أن أمر المضايقات شيء لابد منه، لكن لا يمكنني تحديد الجهة المسؤولة عنه، لأن هذه المضايقات لا تأتي بشكل مباشر انما تأتي “من تحت الحزام” كما يقولون حتى لا تخلق بصمة أو أثر للشخص الذي يقوم بمضايقتي أو بمحاربتي ولكن الحمد لله رب العالمين فإن هذه المضايقات لم تؤثر علي، بل على العكس زادتني إصرارا وجعلتني أتأكد بأنني أدافع عن قضية عادلة .

وهل حققتِ أية نتائج ايجابية منذ تبنيك لهذه القضية ؟
في الحقيقة نعم ولكن أطمع في تحقيق المزيد .
أنا لا أعمل بمفردي فهناك مجاميع كثيرة في الكويت ولجان ومؤسسات مجتمع مدني تبنت هذه القضية وفي اعتقادي أنني وزملائي نجحنا في التقليل من الانتهاكات التي كانت في السابق صارخة بشكل كبير من خلال تسليطنا الضوء على هذه القضية وطرحها في وسائل الإعلام التي ساهمت بالتقليل من الاعتقالات بشكل أو بآخر ونجحنا في توفير الخدمات الصحية للبعض منهم وكذلك توفير الخدمات التعليمية .

ما رأيك بالمظاهرات والأحداث التي وقعت في الكويت تزامنا مع ثورات الربيع العربي ؟
المظاهرات تعتبر – كما في كل دول الخليج – ظاهرة غريبة على مجتمعنا وأنا شخصيا مع المظاهرات السلمية المتسمة بالاحترام والتي لا تتسم بالعنف من الطرفين والشعب الكويتي كغيره من شعوب الخليج والشعوب العربية تأثر بدرجة كبيرة بالربيع العربي .

ما مدى فاعلية المشاركة البرلمانية للمرأة الكويتية وفي الحياة السياسية  ؟
مازال الوقت مبكرا حتى نقول أن المرأة حققت النتائج المرجوة منها من خلال مشاركتها في البرلمان أو الحياة السياسية بشكل عام، خصوصا انها جديدة في هذا المجال ولم تمنح الفرصة الحقيقة حتى الآن ، وأنا أراها لازالت تحت مظلة الرجل رغم وصولها للبرلمان .

ما مدى استفادتك من هذه الورشة الأممية الخاصة بالرصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان والتي تم تخصيصها للنساء المدافعات عن حقوق الإنسان ؟
بكل تأكيد لقد استفدت كثيرا وتدربت على الطريقة الصحيحة المتبّعة في الرصد والتوثيق وتعلمت أمور كنا نجهلها في هذا الجانب. وشخصيا لم أكن ملمة بها كثيرا وتعلمت التفاصيل الفنية والمواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان وكيفية رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان.

ماهي أصعب القضايا التي قمتِ بالدفاع عنها في حياتك ؟
أصعب القضايا من الناحية الإنسانية هي قضية البدون حيث إنها حمل ثقيل لكل مدافع عن هذه القضية، وقد ساهمت الحكومة بتلكؤها وتباطئها عن حلها باتساع رقعتها وصعوبتها .

ما هي رسالتك للمرأة الخليجية المدافعة عن حقوق الإنسان ؟
أدعوها بأن تعود بذاكرتها إلى ما قبل العشرين سنة الماضية وتتذكر أين كنا حينها وأين وصلنا اليوم، وأن تتيقن أن كل هذا بفضل جهود وصبر وايمان المرأة بحقوقها وبالقضية التي تدافع عنها وأتمنى أن أرى بنات الخليج والنساء الخليجيات في أفضل المواقع وأتمنى أن ننال حقوقنا حتى لو لم تكن لنا انما للأجيال التي ستأتي بعدنا .
انتهى.
أجرت الحوار: حبيبة الهنائي
القاهرة 10 ديسمبر 2013
نشر في مجلة الفلق الالكترونية: 
الروابط الخارجية:
الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان :
ويكيليكس ينشر وثائق عن البدون في الكويت:
صفحة الكويتيين البدون بالتويتر:
@Albedooon

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق