نقوشٌ على جدار واسعٍ

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013

Merkel the Miracle معجزة ميركل


منذ اعلان النتائج الإنتخابية البرلمانية الأخيرة في المانيا واكتساح المستشارة ميركل أغلبية الأصوات وفوزها التاريخي للفترة الثالثة على التوالي والذي يحدث لأول مرة منذ فوز كونراد اديناور، وهو أول مستشار لجمهورية ألمانيا الغربية في الفترة (1949 – 1963). بحيث أربكت تلك الهزيمة المدوية جميع منافسيها مما أدى الى إعلان رئيس الحزب الديمقراطي الحر فليب روسلر عن استقالته وتحمله مسؤولية فشل حزبه في الحصول على نسبة الـ 5% التي تخوله الدخول الى البرلمان الألماني. ورغم ان هذا الفوز الذي كان متوقعا بسبب الشعبية الواسعة التي اكتسبتها المستشارة ميركل عن جدارة واستحقاق وذلك بعد نجاحها بتجنيب المانيا من الوقوع في العديد من الأزمات أهمها الأزمة الإقتصادية التي اجتاحت اوروبا وخرجت منها سالما معافى خلال فترة حكمها بأقل نسبة من البطالة مقارنة ببقية الدول الأوروبية واعطت جُلَّ اهتمامها وتركيزها بمعالجة الفقر والقضاء عليه في بلدها .  

ولو تابعنا بما حققته المرأة في العصر الحديث منذ انخراطها في المعترك السياسي بدءا بـ "سيريمافو باندرانايكا" وهي شخصية سياسية سريلانكية و أول امرأة في التاريخ الحديث تشغل منصب رئيس الوزراء في عام 1960. سنجد بأن أغلبية هؤلاء النسوة قدّمن انجازات استثنائية أحرجت العديد من الساسة الرجال وأحيانا كثيرة تسببن بوقوع هزائم منكرة لهم لدرجة انه لم يعد بمقدورهم تحمله واستيعابه فنفذ بعض المعارضين ضدهن تصفيات جسدية وإغتيالات سياسية لعجزهم عن مواجهتهن بشرفٍ أمام صناديق الإقتراع بعد نجاحهن بكسب شعبية واسعة وبثقة شعوبهن، والأمثلة على ذلك كثيرة وسوف أعرض عليكم بعضا منها:

 عودة الى السريلانكية "سيريمافو باندرانايكا" فهي شخصية سياسية تنتمي الى أسرة سياسية. وهي أرملة رئيس الوزراء السريلانكي الأسبق سولومون باندرانايكا الذي حكم في عام 1956م الى أن تم اغتياله على يد راهب بوذي بنفس ذلك العام. ولقد ترأست أرملته سيريمافو باندرانايكا حزب الحرية السريلانكي لسنوات طويلة قبل أن تترأس الحكومة السريلانكية ولـ ثلاث فترات. كما لم ينتهي الأمر الى هذا الحد فقد ورّثت سيريمافو العمل السياسي الى جميع أبناءها منها ابنتها "تشاندريكا كوماراتونجا" التي حكمت بلدها هي الأخرى بعد سنوات من انتهاء حكم والديها.

ومنطقة شبه القارة الهندية ساهمت بإخراج النخبة من القيادات النسوية السياسية في العصر الحديث بعد تراجع طفيف لبعض الوقت من القارة الأوروبية رغم تاريخها الغني بنماذج نسوية شجاعة برزت منذ القرون الماضية أمثال الملكة فكتوريا ملكة المملكة المتحدة (بريطانيا العظمى وايرلندا) التي تسلمت مقاليد الحكم في  سن الثامنة عشر في الفترة (1837–1901)م. ولاحقا أضيفت لها لقب إمبراطورة الهند. ولقد حكمت الملكة فكتوريا لمدة أربعة وستون عاما حتى أصبحت فترتها الأطول في تاريخ الحكم في بريطانيا. وتم تسمية تلك الفترة التاريخية التي بلغت فيها بريطانيا أوجها على اسمها "العصر الفكتوري" بحيث شهدت بريطانيا في عهدها ثورة صناعية و سياسية وعلمية وثقافية بالإضافة إلى تطورا ملحوظا في المجال العسكري ولعل أهم ما يميز تلك الحقبة هى اتساع رقعة الأمبراطورية الإنجليزية.

وقبلها بقرون جاءت الملكة البريطانية بواديكيا التي ثارت في عام 60 م ضد حكم الإمبراطور الروماني نيرون لبلدها وضمها تحت سيطرته. ثارت بواديكيا بعد أن اغتصب الرومان ابنتيها أمامها وثار معها شعبها الرافض من حكم الرومان وكانت الضرائب والإتاوات الرومانية قد أثقلت كاهل الإقليم مع تعنت ورفض الحكومة الرومانية لمطالبهم منها تخفيض الضرائب. وبعد معارك ضارية نجحت بودايكيا وجنودها من الإنتقام وتمكنت بقتل أكثر من 70 ألف جندي روماني حرقا تحت خنادق لندن ومن ثم حرقت مدينة لندن بأكملها. لكنها بنهاية المعركة مُنيت بالهزيمة وانتحرت عن طريق شربها للسم خوفا من الوقوع أسيرة بأيدي الرومان.

أما ماريا تيريزا (1717-1780)م وهي إمبراطورة رومانية وملكة  للمجر وكانت ذات نفوذ قوي في الشؤون الأوروبية وواحدة من أحكم وأقدر الحكام في تاريخ النمسا، ولقد ساهمت الإصلاحات الاقتصادية التي أجرتها بإضافة المزيد من الرفاهية بداخل إمبراطوريتها. ولقد أنجبت الإمبراطورة ماريا تيريزا (16) من الأبناء والبنات، كانت إحداهنّ ماري أنطوانيت ملكة لفرنسا.

ولن ننسى المناضلة الفرنسية الشابة "جان دارك" التي تعتبر من أبرز وجوه مقاومة الاحتلال الإنجليزي لبعض أجزاء من فرنسا وذلك أثناء حرب المائة عام بين بريطانيا وفرنسا (1337-1453)م. وجان دارك هي ابنة لمزارع بسيط ولقد نجحت بمقابلة الملك الفرنسي "شارل السابع" واقناعه بالمهمة التي نذرت نفسها لها وهي مقاومة المستعمر الإنجليزي وتخليص أورليانز من براثن الإنجليز وذلك خلال فترة حكم الملك هنري السادس. ونجحت جان دارك في رفع الحصار الإنجليزي عن مدينة "أورليانز" الفرنسية عام 1429م؛ ولكنها سقطت رهينة بأيديهم ولاحقا تم الصاق تهمة السحر والشعوذة اليها واعتُبرت بموجب قرار محكمة كنسية بأنها ملحدة ومرتدة وهو ما ترتب عليه حرقها حية في 30 مايو 1431 م. وكانت جان دارك لا تزال شابة في التاسعة عشرة من عمرها، وعرفت بإسم عذراء أورليانز". لكن إعدامها حرقا لم يخمد من فتيل المقاومة بل ساهم بتأجيجها وتقوية عزيمة الثوار الذي انتهى بتحرير اراضيهم.

وهناك ماريا ثيريسا التي حكمت النمسا وهنغاريا في عام 1740م ولاحقا حكمت الإمبراطورية الرومانية المقدسة في عام 1765م بالمشاركة مع ابنها جوزيف. وأيضا الإمبراطورة كاثرين المعظم التي حكمت روسيا في الفترة (1762- 1796) م.

وعودة الى منطقة شبه القارة الهندية حيث تأتي أنديرا غاندي وهي أول امرأة تصبح رئيسة للوزراء بالهند وتأتي بالمرتبة الثانية من النساء اللاتي ترأسن دولهن، وهي ابنة جواهر لال نهرو الذي كان أيضا رئيسا للوزراء. و ابنها راجيف غاندي الذي أصبح لاحقا رئيسا للوزراء ولقد شغلت غاندي منصب رئيس وزراء الهند لثلاث فترات متتالية وحكمت لمدة تزيد عن الـ 11 سنة قبل أن تقع ضحية اغتيال من أحد المتطرفين السيخ.

كما أنه للشيخة حسينة رئيسة وزراء بنجلاديش منذ عام 1996 تاريخها النضالي المرير فقد قتل والدها، رئيس الوزراء السابق الشيخ مجيب الرحمن في عام 1975 ومعظم أفراد عائلتها خلال انقلاب عسكري ومن جانبها قامت الشيخة حسينة  بتشكيل  تحالفا تأسس من العديد من الأحزاب للحراك لأجل الاطاحة بالمرشد العام من السلطة، ولقد ألقيت الشيخة حسينة في السجن ووضعت تحت الاقامة الجبرية للعديد من المرات.

وهناك أيضا مواطنتها خالدة ضيا وهي شخصية سياسية بنجلاديشية وكانت رئيسة وزراء بنجلاديش في فترتين، وهي أول إمرأة تحتل منصب رئيسة وزراء في بنجلاديش وثاني إمرأة في دولة مسلمة بعد بي نظير بوتو في باكستان.

ومن منا لم يتابع الحادث المأساوي الذي أدى الى مقتل السياسية الباكستانية بي نظير بوتو وهي ابنة السياسي ورئيس باكستان السابق  ذو الفقارعلي بوتو. وفي عام 1998 قررت بوتو العودة الى باكستان بعد اعتقالها ونفيها بسبب الانقلاب على أبيها الذي قاده ضياء الحق. وقادت بوتو المعارضة الى أن نجحت في رئاسة الوزراء في فترتين (1988 – 1990) و(1993 - 1996).  ووقع حادث مقتلها المروع في يوم الخميس الموافق 27 ديسمبر 2007 وذلك بعد حضورها لمؤتمر انتخابي وخرجت بوتو من فتحة سقف سيارتها لتحية الجماهير المحتشدة، فتم إطلاق النار عليها وقتلت برصاص في العنق والصدر، تبعها عملية تفجير قام بها انتحاري يبعد عنها بأمتار قليلة.

والإغتيالات السياسية لم تتوقف عند هذا الحد بل طالت أيضا رئيسة وزراء رواندا أجاثا أويلي نجييمانا التي حكمت بلدها لمدة 263 يوما فقط وذلك في عام 1993 وقبل اغتيالها بتاريخ 7 ابريل 1994 عندما شن القادة المتطرفون في جماعة الهوتو التي تمثل الأغلبية في رواندا حملة إبادة ضد الأقلية من توتسيي. وخلال فترة لا تتجاوز 100 يوم، قُتل ما يربو على 800.000 شخص وتعرضت مئات الآلاف من النساء للاغتصاب.

وتأتي رئيسة الوزراء الإسرائيلي جولدا مائير عام 1969 و اليزابيث دوميتين من جمهورية أفريقيا الوسطى عام 1975 قبل اعتلاء المرأة الحديدية البريطانية مارجريت تاتشر لمنصب رئاسة الوزراء في بريطانيا التي تتقلده إمرأة لأول مرة في بريطانيا. وانتخبت تاتشر في عام 1975م بمنصب رئيسة لحزب المحافظين ولاحقا رئيسا للوزراء بعد أن هَزم حزبها حزب العمال في الانتخابات العامة التي جرت سنة 1979م. ولقد بقيت تاتشر في سدة الحكم لثلاث فترات متتالية وتعتبر مدة حكمها هي الأطول منذ عهد روبرت جنكنسون (الذي انتهى في عام 1827). ولُقبت بالمرأة الحديدية حيث حكمت بلدها بقبضة من حديد وخاضت حرب الفوكلاند في عام 1982 ضد الأرجنتين وجابهت تفجيرات الجيش الجمهوري الأيرلندي أيضا بقبضة من حديد رغم محاولة الأخير بعدة محاولات لإغتيالها. كما اتخذت تاتشر قرارات جريئة رغم معارضة الرأي العام لها منها بناء القناة البحري التي تربط ما بين انجلترا وفرنسا (Channel Tunnel) التي كلفت من موازنة بلدها مبالغ باهضة وكان الرأي العام يرى بأنه هناك أولويات مثل القضاء على البطالة لكنها لم تلتفت لتلك الأصوات وقامت بتنفيذ المشروع.

وهناك العديد من الإقالات السياسية التي طالت الشخصيات السياسية النسوية منها قرار إقالة رئيسة وزراء السنغالية مامي ماديور بوي في عام 2002م بعد كارثة غرق العبارة الحكومية ونتج عن الحادث وفاة 1863 شخصا بحيث اعتبرت ثاني أكبر كارثة بحرية لعبارة غير عسكرية في التاريخ من حيث عدد الأرواح المفقودة، مما أدى الى اقالة حكومة مامي ماديور بوي. وهناك العديد من التحديات التي تواجهها القيادات النسوية حول العالم منها رئيسة الهجرة الإيطالية سيسيل كاينجا وهي طبيبة جراحة وتعود أصولها الى الكونغو وتم تعيينها كأول وزيرة سوداء للهجرة في ايطاليا. ولقد تلقت الوزيرة كاينجا من قبل بعض الإيطاليين احتجاجات عرقية و تهديدات واهانات عنصرية مخجلة وفي المقابل اعتذار وتعاطف كبير من البعض الآخر.


وختاماً، يحتفل العالم منذ عام 1981 باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة والذي يصادف تاريخ 25 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام. وقد تم انتقاء هذا التاريخ لأنه يصادف حادثة الاغتيال الوحشي في سنة 1960 للأخوات الثلاثة ميرابال اللواتي كن من السياسيات النشيطات في الجمهورية الدومينيكية، وذلك بناء على أوامر الحاكم الدومينيكي روفاييل تروخيليو (1936-1961).


المصدر لبعض المعلومات: ويكيبيديا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق